الزمخشري:(بَلْ يُرِيدُ) عطف على (أَيَحْسَبُ) فهو إما مثله استفهام، وإما أن [يكون إيجابا*] على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر، أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب، انتهى.
[قيل*]: المعنى بل أيريد أو بل يريد، ويتعقب بأنه جعلها عاطفة مع مماثلة ما بعدها لما قبلها في الاستفهام، وقد نصوا على أن بل من الحروف [المشتركة*] في [اللفظ*]. لا في المعنى، فإن قلت: هو استفهام في معنى النفي فيرجع إلى مسألة سيبويه والمبرد وهي: ما قام زيد بل عمرو، معناه عند سيبويه: بل قام عمرو، وعند المبرد: بل قام عمرو، قلت: ما معنى التشريك إلا أن الحكم المسند للأول أبطل عنه، وحكم به للثاني من نفي أو إثبات، وهذه الآية ليس المراد فيها إبطال الأول؛ مثل الجمع بين الاستفهام عن الأول والثاني في الاستفهام.
أي شاهد عليها، وهو من باب التجريد، أو يراد بالإنسان العقل، يعني أن العقل يشهد على النفس، ويصح كون (بَصِيرَةٌ) مبتدأ، و (عَلَى نَفْسِهِ) خبر إلا أن (بَصِيرَةٌ) خبر الإنسان كما جعله الزمخشري، لكن يرد على ما قلناه أن يكون مدلول هذه الجملة كمدلول التي قبلها؛ لأن يعني كون على نفس الإنسان بصيرة رقيب، فلابد أن [يُنَبَّأَ*] بما عمل، وعلى قول الزمخشري يكون تأسيسا، وهو أولى.
فيه دليل على أن القول بأن النهي عن الشيء أمر [بضدِّه*]، وأن السكون أمر عدمي مما لَا يجتمعان، فإِنهم اختلفوا [هل*] السكون عدمي أو وجودي، وهل متعلق النهي الترك أو فعل الصلاة، فإن قلت: هلا قيل: لَا تحرك به شفتيك كما في أول البخاري، عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فالجواب أن [اللسان*] أكثر [ترادفًا*] من الشفتين، قال تعالى (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ).