"فإن قلت: لم وحد الراجع في قوله: (لِيَفْتَدُوا بِهِ) وقد ذكر شيئان؟ قلت: نحو قوله:فَإنِّى وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَرِيبُ أو على إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة، كأنه قيل: ليفتدوا بذلك. ويجوز أن يكون الواو في: (مِثْلَهُ) بمعنى «مع» فيتوحد المرجوع إليه. فإن قلت: فبم ينصب المفعول معه؟ قلت:بما يستدعيه «لو» من الفعل، لأن التقدير: لو ثبت أن لهم ما في الأرض". اهـ (الكشاف. ١/ ٦٣٠).(٢) النص في البحر المحيط هكذا:"وَإِنَّمَا يُوَحَّدُ الضَّمِيرُ لِأَنَّ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْمَفْعُولِ مَعَهُ فِي الْخَبَرِ، وَالْحَالِ، وَعَوْدِ الضَّمِيرِ مُتَأَخِّرًا حُكْمُهُ مُتَقَدِّمًا، تَقُولُ: الْمَاءُ وَالْخَشَبَةُ اسْتَوَى، كَمَا تَقُولُ: الْمَاءُ اسْتَوَى وَالْخَشَبَةُ وَقَدْ أَجَازَ الْأَخْفَشِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْطُوفِ فَتَقُولَ:الْمَاءُ مَعَ الْخَشَبَةِ اسْتَوَيَا، وَمَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ كَيْسَانَ. وَقَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: تكون الواو في:ومثله، بِمَعْنَى مَعَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ مَعَ مِثْلِهِ مَعَهُ، أَيْ: مَعَ مِثْلِ مَا فِي الْأَرْضِ مَعَ مَا فِي الْأَرْضِ، إِنْ جَعَلْتَ الضَّمِيرَ فِي مَعَهُ عَائِدًا عَلَى مِثْلَهُ أَيْ: مَعَ مِثْلِهِ مَعَ ذَلِكَ الْمِثْلِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى مَعَ مِثْلَيْنِ. فَالتَّعْبِيرُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ عَيٌّ، إِذِ الْكَلَامُ الْمُنْتَظِمُ أَنْ يَكُونَ التَّرْكِيبُ إِذَا أُرِيدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَعَ مِثْلَيْهِ. وَقَوْلُ الزَّمَخْشَرِيُّ. فَإِنْ قُلْتَ إِلَى آخَرِ السُّؤَالِ، وَهَذَا السُّؤَالُ لَا يُرَدُّ، لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ وَاوَ مَعَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِهِ فَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ إِذَا جَاءَتْ بَعْدَ لَوْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا: لَوْ ثَبَتَ كَيْنُونَةُ مَا فِي الْأَرْضِ مَعَ مِثْلِهِ لَهُمْ لِيَفْتَدُوا بِهِ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مَا فَقَطْ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ تَفْرِيعٌ مِنْهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُبَرِّدِ فِي أَنَّ أَنَّ بَعْدَ لَوْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مَرْجُوحٌ. وَمَذْهَبُ سيبويه إِنَّ أَنَّ بَعْدَ لَوْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَالزَّمَخْشَرِيُّ لَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي تَصَانِيفِهِ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَعَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُبَرِّدِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَمِثْلَهُ مَفْعُولًا مَعَهُ، وَيَكُونُ الْعَامِلُ فِيهِ مَا ذَكَرَ مِنَ الْفِعْلِ، وَهُوَ ثَبَتَ بِوَسَاطَةِ الْوَاوِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُودِ لَفْظِ مَعَهُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ سُقُوطِهَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ ثَبَتَ لَيْسَتْ رَافِعَةً لِمَا الْعَائِدِ عَلَيْهَا الضَّمِيرُ، وَإِنَّمَا هِيَ رَافِعَةٌ مَصْدَرًا مُنْسَبِكًا مِنْ أَنْ وَمَا بَعْدَهَا وَهُوَ كَوْنُ، إِذِ التَّقْدِيرُ: لَوْ كَوْنُ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا لَهُمْ وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا دُونُ الْكَوْنِ.فَالرَّافِعُ لِلْفَاعِلِ غَيْرُ النَّاصِبِ لِلْمَفْعُولِ مَعَهُ، إِذْ لَوْ كَانَ إِيَّاهُ لَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ وُجُودُ الثُّبُوتِ مُصَاحِبًا لِلْمِثْلِ، وَالْمَعْنَى: عَلَى كَيْنُونَةِ مَا فِي الْأَرْضِ مُصَاحِبًا لِلْمِثْلِ، لَا عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ مُصَاحِبًا لِلْمِثْلِ، وَهَذَا فِيهِ غُمُوضٌ، وَبَيَانُهُ، أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: يُعْجِبُنِي قِيَامُ زَيْدٍ وعمر، أَوْ جَعَلْتَ عَمْرًا مَفْعُولًا مَعَهُ، وَالْعَامِلُ فِيهِ يُعْجِبُنِي، لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ عَمْرًا لَمْ يَقُمْ، وَأَنَّهُ أَعْجَبَكَ الْقِيَامُ وَعَمْرٌو، وَإِنْ جَعَلْتَ الْعَامِلَ فِيهِ الْقِيَامَ كَانَ عَمْرٌو قَائِمًا، وَكَانَ الْإِعْجَابُ قَدْ تَعَلَّقَ بِالْقِيَامِ مُصَاحِبًا لِقِيَامِ عَمْرٍو. (فَإِنْ قُلْتَ): هَلَّا، كَانَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ مَفْعُولًا مَعَهُ، وَالْعَامِلُ فِيهِ هُوَ الْعَامِلُ فِي لَهُمْ، إِذِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ. (قُلْتُ): لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُودِ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ سُقُوطِهَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ قَوْلَكَ: هَذَا لَكَ وَأَبَاكَ مَمْنُوعٌ فِي الِاخْتِيَارِ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: وَأَمَّا هَذَا لَكَ وَأَبَاكَ، فَقَبِيحٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِعْلًا وَلَا حَرْفًا فِيهِ مَعْنَى فِعْلٍ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ قَدْ تَكَلَّمَ بِالْفِعْلِ، فَأَفْصَحَ سِيبَوَيْهِ بِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ وَحَرْفَ الْجَرِّ الْمُتَضَمِّنِ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ لَا يَعْمَلَانِ فِي الْمَفْعُولِ مَعَهُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ الْمَفْعُولُ مَعَهُ لَخُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَنْسُبَ الْعَمَلَ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَوْ لِحَرْفِ الْجَرِّ. وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمَفْعُولِ مَعَهُ الظَّرْفُ وَحَرْفُ الْجَرِّ، فَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ يَجُوزُ لَوْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ خَالِيَةً مِنْ قَوْلِهِ: مَعَهُ، أَنْ يَكُونَ وَمِثْلَهُ مَفْعُولًا مَعَهُ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ هُوَ الْعَامِلُ فِي لَهُمْ". اهـ (البحر المحيط. ٤/ ٢٤٣، ٢٤٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute