قوله تعالى: {لَمَّا جَاءَتْنَا ... (١٢٦)}
ولم يقل: لما ظهرت لنا؛ لأن مجيئها لهم لم يستلزم ظهورها لهم لأجل مجيئها إليهم مع أنها جاءت لهم ولغيرهم؛ لكن تخصيص نسبة مجيئها إليهم على أن المراد مجيء وقع لهم وإفادة وظهور.
قوله تعالى: {وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ... (١٢٧)}
يؤخذ منه عدم التعزية في النساء، كما قال عمر بن عبد العزيز في كتاب الجنائز: لأن ظاهر الآية أن إحياءهم عذاب ونقمة؛ يدل عليه أن موتهن رحمة ونعمة؛ ورد بأن إحيائهن دون رجال عذاب، كما أن إحياء الرجال دون النساء عذاب.
قوله تعالى: {قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ... (١٢٩)}
جعله ابن عطية ضجرا منهم، وجعله الزمخشري طرديا، فكأنهم يقولون: مجيئك لنا وصف طردي، لم يفدنا شيئا، وهذا كفر.
ابن عرفة: والصواب غير هذا، وهو أنهم قصدوا الاعتراف باتصافهم بالصبر مطلقا، ومساواة حالهم في ذلك قبل مجيئهم كحالهم بعد مجيئه، وأخبروا أن شأنهم وديدنهم الصبر.
قوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠)}
كان بعضهم يقول: يؤخذ من هذا أن المصائب والآلام النازلة بالإنسان نعمة ورحمة في حقه لأن نالها التذكير وهو يصبر على مرارته فيعقبه صحة وعافية.
قوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ... (١٣١)}
قال ابن عرفة: أتي في الحسنة بإذا وعرفها وجعل فعلها ماضيا بلفظ جاء، وأتى في السيئة بإن وذكره ونكرها وجعل فعلها مستقبلا، فقال تعالى (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) إشارة إلى أنهم لَا يعتبرون إلا الحسنة الثابتة المحققة وأنهم يتطيرون بأدنى سيئة وأقلها ولو لم تكن محققة.
قوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ ... (١٣٢)}
قال ابن عرفة: لفظة ما لَا يقتضي التكرار بذاتها.
قال ابن مالك: قوله تعالى: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ) هذا ما توصل منهم بذلك، أو طلبوا منه أن يدعو متوسلا لربه بما عهد عنده [وأقسموا] بذلك على [أن*] يؤمنوا