أحدهما: أنه من [الفرض*] على المحال لكن يرد عليه أن القياس يستثنى فيه نقيض التالي تفيد المقدم، إلا أن [ ... ] قال: يحتمل أن يراد (أَنَا أَوَّل الْعَابِدِينَ) للولد، فيكون المعنى لكن لست أول العابدين فليس للرحمن ولد.
ابن عرفة: الخوض إما الاشتغال بما لَا فائدة فيه فقط، واللعب الاشتغال بما لا فائدة فيه مع زيادة ضرر فيه، وأما الخوض المقاولة والمجادلة، قال تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) واللعب بالاشتغال بما لَا فائدة فيه فقط.
قيل لابن عرفة: القاعدة أن الاسم إذا أعيد نكرة يقتضي التعدد، وبه يفهم قول عمر، في قوله تعالى:(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦)، لن يغلب عسر يسرين، مع أن الإله هنا واحد فكأن الأصل مقترنا بالألف واللام.
فأجاب ابن عرفة: بأن التعدد هنا في الصفة لَا في الذات، كقولك: زيد أكل في الدار ضاحك في السوق، فهما صفتان لموصوف واحد.
ابن عرفة: وعادتهم يقولون فيه حجة للفلاسفة القائلين بأن السماوات متلاصقة ليس بينهما خرق، إذ لو كان بينهما خرق، لقال: وما بينها، قيل لابن عرفة: لعل مراده ما بين الأرض أعلاها، وبين الأرض، وما بين الثانية بينها وبين الأرض، وما بين الثالثة وبينها وبين الأرض فثناها اعتبارا بذلك، فقال: لو أراد ذلك، لقال: وما بينهن، قال: وإنما عادتهم يجيبون: بما في سورة الطلاق (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ) قيل: فلم خصت تلك الآية بالجمع وهذه بالتثنية؟ فقال: أجابوا: بأن هذه خرجت مخرج التذكير بالنعمة، فاعتبر فيها ما فضل منه النعمة إلى الإنسان وهي السماء الدنيا وما بينها وبين الأرض من الأمطار والرياح، وما ينشأ عن ذلك في الأرض من النبات والفواكه وغير ذلك، وتلك الآية خرجت مخرج الإعلام بكمال قدرة الله تعالى، فاعتبر فيها مجموع السماوات وما يكون فيها من الأمور.
قيل لابن عرفة: وفي الآية دليل على نفي الجوهر المفارق، وهو قسم ثالث لا متحيز ولا قائم بالمتحيز، فليس هو في السماوات ولا في الأرض؛ بل هو خارج عنها،