قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ... (٥٤)}
ابن عرفة: هذا ترقٍّ في الذم؛ لأن الحسد أشد من البخل.
قوله تعالى: (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا).
إشارة إلى أن هذا الذي حسدوهم لم يتفرد به المحسودون بل أعطينا مثله لغيرهم من الأمم السابقة، فالحسد فيه أشد قبحا من حسد من اختص بشيء، والحكمة إما الشريعة، وإما فهم الكتاب، والملك وإما إخلافه كما في الحديث ثم يقود ملكا.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا ... (٥٦)}
تعجيل عليهم بكفرهم مع وجود الآيات الواضحة.
قوله تعالى: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ).
ابن عرفة: هذا تسلسل في الآثار وهو عند العلماء جائز باتفاق وبخلاف التسلسل في المتأثرات، وإنما عذبوا بتبديل الجلود، وفي الممكن إن كان تبقى جلودهم كذلك معذبة غير فانية تشبيها بحال الدنيا؛ لأن الانصهار في الدنيا إذا خرجت له دخله فهو يتألم منها ابتداء، ومهما نضجت يقل تألمه فإذا خرجت دخل آخر يزيد تألمه.
قال الزمخشري: فإن قلت: كيف عذبت الجلود الثانية التي بدلت بها الأولى وهي لم تعص ولم تخالف، فأجيب: بأن المعذب الأرواح الكائنة في الجلود وغيرها، الزمخشري: بأن العذاب للجملة الحساسة وهي التي عصت، وأجيب أيضا بأن هذه الجلود مخلوقة من ذلك [الجلد*] [الأول الذي نضج*].
قال ابن عرفة: وهذا السؤال إنما يتأكد على مذهبه في أن ذلك أمر عقلي مع قاعدة التحسين والتقبيح العقليين، وهي بقول إنه شرعي فرد السؤال عندنا شرعا، وعنده عقلا وعبر بالذوق تشديدا عليهم وإشارة إلى أن هذا وإن عظم فسينالهم ما هو أعظم منه، بحيث يكون هذا بالنسبة إليه كالذوق الذي هو مبادئ الأمر.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا).
ابن عرفة: في اقتران العزة بالحكمة دليل على منع الخلق من القدرة على إدراك معرفة الله تعالى في جميع الأشياء أنهم لَا يستطيعون تاكيد ذلك بوجه.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ... (٥٧)}