وقال الزمخشري: في سورة طه في قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (١٠٦) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧) .. أنه إنما أسند العوج إلى الأرض، وإن كان حسيا؛ لأن الأرض، وإن كانت مستوية في رؤية العين، فقد يكون فيها اعوجاج خفي لَا يدركه البصر.
ابن عرفة: ولذلك نشاهد الصناع من النقاشين والبنائين في فرش الدور وغيرها في السطح المستوي يزنونه بالماء فيظهر لهم فيه الميل والعوج، وإن كان في رؤى العين مستقيما.
قال ابن عرفة: إشارة إلى غفلتهم عن نزول العذاب بهم، أي لَا يتوهموا أن إمهال الله لكم بالعقوبة غفلة منه عنكم، بل هو يعلم منه بتأخير ذلك إلى يوم القيامة، وقال في الأولى:(وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ) لأن الأول أخف من الثاني، فرتب عليه الوعيد الأخف، وأجاب الفخر: بأن كفرهم ظاهر [وعنادهم] عن سبيل الله، إنما كان في [خفية*] بالحيلة والدس، فناسب تعقبه، بقوله تعالى:(وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وهو جواب حسن.
قال ابن عرفة: الطاعة موافقة الأمر، [**وهي لم تقع منهم للمؤمنين، وإنما كان مساو بحسبما وحيله فلم أطلق عليه اتباعه طاعة؟ ثم أجاب بوجهين، إما بأن المراد أن توافقهم في الأمر المتوكد (يَرُدُّوكُمْ)]، وإما أن يكون أطلق عليه أمرا مجازا، أو يجوز في لفظ الطاعة.
إن الذين يردونهم إيمانهم الفرق المجيبون لهم فالضمير إما عائد على الفريق باعتباره معناه، أو على الذين كفروا، وإما من ناحية أنهم إذ أطاعوا رؤسائهم صاروا من حزبهم ومن قومهم، فكان الجميع يردونهم عن دينهم، فإن قلت: ما فائدة قوله: (بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) مع أن قوله للذين آمنوا يعني عنه، فالجواب: أنه ذكر زيادة في تقبيح ذلك الفعل.