استفهام في معنى النفي، أي أهلك جميعهم، فلم يبق لهم شيء، فإِن قلت: قد قيل: إن هذه [ ... ] العادية التي عند قرطاجنة من بنائهم، وقد أخبر بذلك سيدي محمد نفع الله به في كتاب كراماته، أنه التقى عند المعلقة بالخضر عليه السلام، فأخبره بذلك وبأشياء من أمورها غير واحدة، قلت: المعنى أنهم لم تهلك منهم إلا الكفار، [فاستؤصلوا*] ولم يبق منهم، قال تعالى (وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ).
قوله تعالى: {وَمَنْ قَبْلَهُ ... (٩)}
هذا العطف يدل على أن الواو ليست للترتيب، لأن مجيء فرعون متأخر عن مجيء (مَنْ قَبْلَهُ)، إلا أن يقال: أنه ترتيب في اللفظ، [قال الفخر: قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَعَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ*]، (وَمَنْ قِبَلِهِ) والباقون (وَمَنْ قَبْلَهُ)، ولم يحك أبو عمر المدائني هذه القراءة عن عاصم، وسئل شيخنا ابن عرفة: هل السبع متواتر أو لَا، فقال: أما مصحف عثمان فلا خلاف أنه متواتر، وعثمان لم يضع غير الأحرف فقط، وأما الشكل والنقط فلم يضعه، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقرأ النَّاس بقراءات كثيرة، أنزل بها القرآن، فبعضهم نقل عنه قراءة، وبعضهم نقل عنه أخرى؛ كما في حديث حكيم بن حزام، أنه قرأ سورة الفرقان على غير ما كان عمر يقرأها، فاختلفا حتى قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم:"إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه"، فنسخ منه عثمان رضي الله عنه سبع نسخ، وقيل: ست، وقيل: أربع، وبعث لكل قطر نسخة، وحرَّق ما خالفها لَا لكونه باطلا، بل لكونه غير مجمع عليه، ففي الشواذ ما هو صحيح لكنه غير مجمع عليه، كما أن في الأحاديث الصحاح ما ليس في كتاب مسلم والبخاري، فلما مر كل مصحف لقطر قرأها أهل ذلك القطر بتلك الأحرف، وقرءوا فيما يرجع إلى [التزام الضبط*]، كالمد [والقصر*] والإمالة والترقيق والتفخيم بما رواه بعضهم عن [بعضٍ*] بالسند الصحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما وقع في السبع من