ابن عرفة: وكان الشيوخ مختلفون في [ ... ] هل يشتركان في شيء أم لَا؟ فمنهم من كان يمنع اشتراكهما مطلقا إذ لو اشتركا في أمر لجاز ارتفاعه، وإذا جاز ارتفاعه جاز ارتفاعهما، فيلزم عليه ارتفاع النقيضين، وهذا باطل، وكان ابن الحباب يجيز اشتراكهما بقولهم في حد التناقص، أنه اختلاف قضيتين بالسلب والإيجاب فهما مشتركتان في مطلق الاختلاف.
ابن عرفة: من راعي الأمور الوجودية منع اشتراكهما، ومن راعى الأمور الاعتبارية [جوز*] اشتراكهما، وكان بعضهم يستدل بهذه الآية مع قوله تعالى: في سورة الأعراف: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) على جواز اشتراك النقيضين في أمر ما، قال: لأن الإخبار عن عيسى عليه الصلاة والسلام بآية علم الكتاب، والحكمة، والتوراة [إخبار*] بوصف كمال، يدل على أن معرفة الكتابة في الشخص من صفات الكمال، ووصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكونه أميا لَا يقرأ ولا يكتب كمال في حقه، والكتابة نقيض لَا كتابة، فقد اشترك النقيضان في أن كلاهما وصف كمال.
قال ابن عرفة: والجواب أن يقول الممتنع اشتراك النقيضين في الوصف العقلي، وهذا وصف جعلي شرعي، فإنه يلزم من اشتراكهما الوصف العقلي.
قيل لابن عرفة: النقيضان مشتركان في أن كلاهما معنى، أو كلاهما ذات فقال: تلك أمور اعتبارية لَا وجودية.
قال ابن عرفة: أعلن أن دعوى المدعي لَا بد من اقترانها بالدليل الدال على صحتها، هكذا اقتضى الشرع والعقل، أما الشرع فلقوله صلوات الله عليه وعلى آله وسلم، "لو أعطي النَّاس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم"، وأما العقل فلأن