إن قلت: لم دخلت الفاء؟ فالجواب: بوجهين الأول: قال ابن عرفة: عن بعض المتأخرين أن الفاء تلزم في جواب الشرط إذا كان ماضيا لفظا ومعنى وهذا كذلك، قلت: وذكره الجزولي، قال: ومع الماضي لفظا ومعنى ولا بد معه من قد ظاهرة أو مقدرة، التالي قلت: أن لما كان المراد أنه يعلم أن قميصه قُدَّ من دبر يعلم إنها صدقت أتى بالفاء لثبوت مناسب يعلم واستدل المبرد بهذه الآية على أن إرادة الشرط لَا تخلص كان للاستقبال، فأجابه [الآبذي] والزمخشري: بأن التقدير أن يعلم أنه كان. قال الزمخشري: وعن النبي صلى الله عليه وسلم "تكلم أربعة وهم صغار: ابن ماشطة فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى"، قال ابن عرفة: الذي في مسلم "تكلم ثلاثة ابن ماشطة فرعون، وعيسى وصاحب جريج"، قال ابن عرفة: فإِن قلت: لم [عبّر*] في جهتها بالفعل، فقال: صدقت فكذبت وفي حق يوسف بالاسم، فقال (مِنَ الصَّادِقِينَ) من الكاذبين، فأجيب من وجهين الأول قال ابن عرفة: لأن صدق زليخا [ ... ] غير محقق عند العزيز فأخبر فيه بالفعل لكنه إذا ثبت صدقها فالمخالف لها من الكاذبين وكذلك المخالف لم يثبت كذبه من الصادقين لأنه لَا يتجرأ على هذا وينازع فيه إلا من أولع به وأما من جُرّب ذلك منه مرة فإِنه يخاف ويستريب. الجواب الثاني: لأجل رؤوس الآي، فإن قلت:[لم بدأ بها*]، فقال:(فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) قلنا: [**لأنها من دم عليه المبادئة] في قوله (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)، ولأنها البادئة بالشكوى.
إن قلت: لم أسند القول الواحد والأصل في مثل هذا ما يقع به التبكيت أن يسند القول فيه إلى كل من حضر؛ ولأنه مرئي مشاهد رآه الشاهد والعزيز لأنهم ذكروا أن الشاهد كان حاضراً، فالجواب: أن الأمور قسمان ضرورية ونظرية، فالأمور الضرورية لا يحتاج الإنسان فيها إلى غاية ولا إلى تأمل، فلو قيل:(فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ) قالا يتوهم أن قطع القميص كان من جهة يمكن أن تضاف [إلى*] القبل وإلى الدبر بحيث لا يقطع الرأي الواحد بإضافتها إلى أحد الجهتين حتى يشترك في ذلك مع غيره ويتدابرا فيعلما، أسند ما إلى [**الواجد إفاداته] من جهة الدبر صرفا بحيث لَا يحتاج فيه إلى تأمل لا إلى مشاركة الغير.
قال المفسرون: كن جيرانها، فإن قلت: تجريح الأقارب والجيران أو من يقرب لهم أقوى من تجريح الأجانب فهلا قال، وقال نسوة في حارتها أو في جيرانها، [فأجيب*]: بأنه إشارة إلى اشتهار هذا الأمر وانتشاره في المدينة ورد أنه يقال قلتم