أحدهما: ولتبين الثابت على الإيمان من غيرهم تمثيلا، أي فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت منكم من غير الثابت.
الثاني: وليعلمهم علما يتعلق به الجزاء.
قال ابن عرفة: هذا يوهم أن تم علما لَا يتعلق به الجزاء، قال: والفرق بين العلم والمعرفة، أن المعرفة من المتصورات والعلم تصديق وهو باطل لقولك: عرفت زيد فإنه تصديق لَا تصور، ويجاب: بأن مراده وأن متعلق العلم تصديق ومطلق المعرفة تصور موت من مات من الكافرين محاق له مصيره إلى العذاب الأليم، وموت من مات من المؤمنين شهادة له لمصيره إلى الثواب والنعيم المقيم.
ابن عطية: التمحص تمييز الشيء مما هو منفعل عنه، والمحص تميزه مما هو متصل به، تقول: محصت عن زيد في بني تميم فوحدته، ومحصت الذهب من الفضة، أي خلصته منها، ومنهم من قال: المحص في الأمور الحسيات، والمحص من العقوبات، فإن قلت: لم عبر عن المؤمنين بالفعل، عن الكافرين بالاسم، فأجيب بوجهين:
الأول: لحديث "سبقت رحمتي غضبي فمن اتصف بأدنى الإيمان مغفور له، والمغضوب عليه إنما هو من كفر وداوم على كفره، وصمم عليه وثبت".
قيل لابن عرفة: أو يجاب بأن المراد من قرح الإيمان بالمعاصي فمحص الله حسناته من سيئاته، والكفر ليس معه حسنات فلذلك عبر عنه بالاسم، فإنه لَا يتناول إلا من أخص الإيمان، ولم يخلط بمعصيته، فرده ابن عرفة: بأن هذا عزيز لَا يعلم إلا لمن هو معصوم، قال: وعبر عنهم بالوصف دون الاسم تنبيها على الصفة التي لأجلها مدح هؤلاء، وذم هؤلاء، وهذان الوجهان مدح للمؤمنين، وحسرة للكافرين فهما معا في حق النبي صلى الله عليه وسلم بشارة سرور.