في كلام الشاطبي هنا إشكال؛ لأنه قال:[وَإِنَّ بِفَتْحٍ ... *] البيت، وهذا البيت للتأنيث وأصحابه قرأوا (يستبين) بالياء والباقون بالتاء، لكن نافع منهم بتاء الخطاب لنصبه سبيل، وغيره بتاء التأنيث لكن [الشاطبي*] اعتبر اللفظ، ولفظ (تَسْتَبِينَ) في القراءتين واحد.
انظر ما أفاد هذا العطف، أجاب ابن عرفة: بأنه أفاد التنبيه على أنه متصف بأخص الهداية على سبيل الاحتراز خوف أن يتوهم أدناها؛ لأن قولك: زيد من المهتدين أخص من قولك زيد مهتد، فالأول أفاد مطلق نفي الضلال عنه، والثاني أفاد أيضا أنه بأخص الهداية فدخل النفي عليه فنفاه على حالته، بخلاف مها لو قال: ومها أهتديت؛ لأئه يكون داخلا في الأول لَا يفيد ما قلناه.
قال ابن عرفة: تقرر في علم البيان أن الوصف الذي يتوهم حصوله بأنه إذا نفي عمن نسب إليه تارة يكون نفيه محصلا، وتارة يكون مفروضا مقدرا، فيقول لمن تَوَهّم أنك أسأت إليه: ما أسأت إليك إذا كان النفي مفروضا مقدرا إن قصد الاعتبار بالنفي عنه بعد النفي بجائز، لذلك النفي يقول: لو أسأت إلي عاقبتك لكني بذاك منك، هذا جائز يزيل الروع عن قلب المخاطب، وتارة يقول: لو أسأت عاقبتك ولا يذكر له جائزا، وهنا قال:(قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا) أي: لو اتبعت أهواءكم لضللت وما اهتديت وما بجائز، فقال: ولكني على بينة من ربي وأنتم لستم كذلك.