والرأفة تطلق عند حصول الرحمة لمعنى في الفاعل من شفقة منه على المرحوم فمنشأ (الرأفة كمال في إيصال الإحسان ومنشأ) الرحمة كمال حال المرحوم في الاحتياج إلى الإحسان، وتأثير حال الفاعل في إيجاد الفعل أقوى من احتياج المفعول إليه.
قال الزمخشري: قد نرى بما نرى، ومعناه كثرة الرؤية كقوله: قد أترك القرن مصفرا أنامله (كأن أثوابه مجت بفرصاد).
أبو حيان: في كلامه تضاد لأن (رُبَّ) للتقليل عند المحققين، ثم إن اللفظ من حيث (قُرِّر) ليس فيه ما يدل على التكثير لأن دخول «قَدْ» على الفعل ماضيا (كان) أو مضارعا لا يفيد هذا المعنى وإنما فهمت الكثرة من التقلب لأنه يقال: قلّب إذا ردّد.
قال (كاتبه): كلام الزمخشري عندي صحيح لا تضاد فيه. نبه عليه في قول الله سبحانه وتعالى {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ} في جواب الإتيان بلفظ النفس مفردا. قال: هو من عكس كلامهم الذي يقصدون به الإفراد فيما يعكسونه. ومنه قول الله تعالى:{رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} ومعناه أكثر وأبلغ؟ ومنه قول الشاعر
قد أترك القرن
(البيت المتقدم). وتقول لبعض قواد العساكر: كم عندك من الفرسان؟ فيقول:«رب فارس عندي»، أوْ «لاَ تقَدّم عندي فارس» وعنده الكثير فيقصد التمادي في تكثير فرسانه ولكنه أراد إظهار براءته من التزين وأنه (ممن) يقلل كثيرا ما عنده، فضلا عن أن يزيد. فجاء بلفظ التقليل، ففهم منه لفظ الكثرة. انتهى كلامه.
قلت: فظهر أنّ أبا حيان لم يفهم كلامه ولا أنصفه.
وكان الخولاني يجيب عن الزمخشري بأن (رُبَّ) إذا اقترنت بها (ما) تكون للتكثير ولا حاجة بهذا وإنما الجواب ما قلناه. انتهى.
قال ابن عرفة: أي تقلبه في جهة السماء والرؤية في كل مكان وهو دليل على أن القول من السفهاء مستقبل غير واقع كما قال الزمخشري. وتنكير القبلة للتعظيم، وفيه دليل عل أنّ السّماء قبلة للدّعاء، وفيه دليل على جواز القسم على فعل لأنه لما قال: