هؤلاء يفهمون كلاما مع أن الكلام هو المفيد، والقول يطلق على المفيد وغيره؛ فالكلمة الواحدة قول وليست بكلام؛ فالقول يطلق على التصورات، والكلام يطلق على التصديقات، قال: والجواب أنهم إذا لم يفهموا القول المطلق على المطلق فأحرى أن لَا يفهموا الكلام.
مع أنهم لَا يفهمون القول، فكلفهم لهذا الكلام لغاية اضطرارهم إليه على عادة المريض أو العاجز عن الكلام، أنه لَا يتكلم إلا عند الحاجة الفادحة والضرورة التي لا بد له منها.
قوله تعالى:(فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا).
يؤخذ منه أن الإنسان إذا طلب من الملك حاجة يعلم أنه يقوم بها ولا يحتاج إلى معونته فيها فإنه يبدأ بنفسه ويعرض لها في الإعانة بها؛ فلذلك قالوا:(فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا) مع علمهم بعدم افتقاره إلى ذلك لكثرة جنوده وماله.
قوله تعالى: {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ... (٩٥)}
مثل قوله تعالى:(فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا).
[قَالَ انْفُخُوا حَتَّى) *] غاية [والمغيى بها*] مقدر تقديره فآتوه ما طلب، وأخذ في بناء السد (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا) فنفخوا حتى إذا جعله نارا، والمساواة إما بمعنى أنه صعد بالبناء حتى ساوى أعلى الجبلين في الارتفاع، وإما بمعنى أنه كان يبني بناء مساويا لعرض الصدفين؛ أي للجانب الذي ظهر يأجوج ومأجوج من الصدفين؛ فيصعد مثلا مقدار إقامة [ويوقد عليه*] حتى يصير نارا؛ فيفرغ عليه القطر ثم يبني فوقه بناء آخر مساويا لوجه الصدفين فيصعد به مثل ذلك؛ حتى علا به إلى أن ساوى أعلى الجبلين من غير زيادة عليهما ولا نقصان.