ضمير فاعل عصوني، وإن جعلناه عائدا على بعضه كما قالوا في قوله تعالى:(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) فيكون دلالة مطابقة، ويحتمل أن يكون المراد بالمتبوعين الأمم المتقدمة، ولم يذكره المفسرون.
قوله تعالى: {وَمَكَرُوا ... (٢٢)}
إما معطوف على (لَمْ يَزِدْهُ) فيكون من فعل الأشراف، أو على (اتَّبَعُوا) فيكون من فعل الأتباع، أو على (عَصَوْنِي) فيكون صفة للجميع.
أورد الزمخشري هنا سؤالا يتقرر على مذهبه وعلى مذهبنا، وتقدم له نظيره في سورة يونس، وهو أنه لَا يصح [الدعاء*] على الكافرين بالموت على الكفر، ولا على العاصي بالموت على العصيان؛ لأنه مأمور في كل وقت بنهيه عن ذلك والتغيير عليه والدعاء بذلك إقرارا ورضا، وهو من باب طلب الكفر والمعصية؛ فكيف صح ذلك؟ وأجاب الزمخشري عن ذلك على مذهبه بأنه طلب الترك لَا الفعل، وطلب تخليتهم ومنعهم الألطاف فهو طلب العدم، وذلك لأنه يقول: إن الله تعالى يستحيل عليه أن يخلق الكفر والضلال، وجوابنا نحن على مذهبنا إما بأن نوحا عليه السلام غلب على ظنه بطول الممارسة لهم أنهم لَا يؤمنون فطلب ذلك، وإما بأنه أوحى الله تعالى إليه أنهم لا يؤمنون كما في سورة [هود*]، فإِن قلت: يلزم عليه تحصيل الحاصل، قلت: لم يطلب لازمه، وهو تضعيف العذاب عليهم في الدار الآخرة، وأجاب القرطبي بأن الممتنع إنما هو الدعاء على الشخص المعين، وهذا دعاء على جميع الكفار، ويقال لهم ولعلهم يسلمون، وعبر بالوصف الأعم وهو الضلال؛ لأن كل [ما*] لزم الأعم لزم الأخص.
قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ ... (٢٥)}
أي من أجل خطيئاتهم، فهو إشارة إلى أنهم لم يعاقبوا على مجرد الكفر فقط؛ بل عليه وعلى جميع خطاياهم؛ فيدل على أنهم مخاطبون بفروع الشريعة.