ومرجوحيتها، وعبر بأن في (إِنَّ يُرِيدَا إِصْلَاحًا) إشارة إلى أن الإصلاح ليس براجح مطلقا، بل قد يكون الفراق راجحا في بعض الأحوال، وإضافة الشقاق إما على معنى في مثل: يا سارق الليلة يجعل كان الليلة نفسها مسروقة مبالغة في السرقة.
قال ابن عرفة: عادتهم يقولون: العبادة متأخرة عن التوحيد، والتوحيد من لوازمه نفي الشرك، والمقدم على المقدم مقدم فهلا قدم النهي عن الشرك على الأمر بالعبادة بل مقارن لها؛ لأنه أحد صورها فليس بمقدم ولا متأخر، فرده ابن عرفة بوجهين:
الأول: بأن نفي الشرك أحد صور العبادة لَا متقدم عليها.
الثاني: أن العبادة مفتقرة إلى النية، لأنها عمل وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم:"إنما الأعمال بالنيات" والتوحيد لَا يفتقر إلى نية، قال الفخر في المحصول إذ لو افتقر إلى النية للزم التسلسل.
قوله تعالى:(وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا).
قال ابن عرفة:(شَيْئًا) إما مصدر أو مفعول والظاهر أنه مصدر لتجانس قوله تعالى: (إِحْسَانًا) لأنه مصدر، قال ابن العربي: ويؤخذ من الآية منع سفر بنية الحج والتجارة معا، والوضوء للعبادة والنشاط والنظافة معا؛ لأنه تشريك.
قوله تعالى:(وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
قال ابن عرفة: الإحسان لفظ أعم فينتج المناط فيه، أنه إن أريد به الأمر الخارجي الضروري فهو واجب وإن أريد ما زاد عليه فمندوب، قال تعالى:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) فهو زائد على العدل، قيل لابن عرفة: إذا دعته والدته إلى أمر ودعاه أبوه إلى نقيضه فلمن يطيع؟ قال: يرجح بين المفسدتين من