للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحرة إلا أن في هذا تفكيك الضمائر؛ لأن الضمير في قوله تعالى: (فَانْكِحُوا) عائد على الأزواج، والضمير في قوله تعالى: (مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم) عائد على المالكين واحد منها، ابن العربي: جواز نكاح اليتيمة قبل البلوغ، بقوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النسَاءِ) بعد قوله تعالى: (أَلا تُقْسِطوا فِي الْيَتَامَى) ولا يتم بعد بلوغ، ورده بعض الطلبة بحديث: "البكر تستأمر والثيب تعرب عن نفسها" قال: لأن البكر إما ذات أب أو وصي أو مهملة، فالأوليان لَا إذن لهما فلم يبق إلا اليتيمة المهملة، وقال في المدونة: الصغيرة لَا إذن لها، ولا إذن إلا للبالغة فيتعين أنها البالغة، قال: فهو عام مخصوص بهذا، فالمراد باليتيمة البالغة.

قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ... (٤)}

ابن عرفة: ظاهر الأمر الوجوب، ونقل كلام المفسرين، ثم قال: وعندي أنا في هذا أنه إنما قال: (نِحْلَةً) ليبيته على الحالة التي نظر فيها عدم إتيانهن الصداق، وهي إذا ماتت الزوجة قبل البناء عقب عقد النكاح وكانت فقيرة، فإن الزوج يؤدي الصداق مجردة نحلة لَا من عوض، وكذلك إذا مات الزوج فإن الزوجة تأخذ الصداق من تركته نحلة من غير عوض، فإذا أمروا بدفعه حالة كونه نحلة فأحرى أن يلزمه دفعه إذا كان عن عوض، قلت: أو هو إشارة إلى أحد القولين فما إذا تطوع الزوج بعد العقد، وقبل البناء بزيادة الصداق ألحقها به، وجعل حالها كحاله؛ لأن النحلة هي العطية لَا لعوض، وهذا كذلك لجعلهم إياها كالهبة، لأن المعطي ما ذكرها قال: يقضى على الزوج بها فإن لم تقبضها حتى مات أو طلقها قبل البناء فلها عليه نصف الزيادة إن طلق، ولا شيء لها إن مات؛ لأنها عطية لم يقتض، قاله مالك رحمه الله في المدونة، قال عبد الوهاب، وقال الأبهري، وغيره من أصحابنا: القياس أن يجب لها بالموت؛ لأنها إن كانت كالمهر وجبت بالموت، وإن كانت كالهبة ينبغي أن لا تجب لها نصفهم في الحياة بالطلاق قبل البناء، ابن عرفة فإن قلت: هذا شأن العطية لا تشرك بالطلاق والصداق لَا يبطل بالموت، قلت: الصواب أنها عطية وإنَّمَا تشركت بالطلاق ولأن الزوج ما ألزم نفسه هذه العطية إلا على حكم الصداق ومن حكمة التشطير، فإن قلت: إلزامه نفسه على الوجه المذكور يوجب أن لَا يبطل بالموت والفلس، قلت: لَا تسلم؛ لأن التزامه نفسه إخراج مال عن غير عوض على وجه مخصوص لَا يخرجه عن حكم العطية، وأيضا فقد في هذا الباب حق الورثة بالموت وحق بالفلس.

قوله تعالى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ).

<<  <  ج: ص:  >  >>