للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زاد هنا عظاما وأسقطها في سورة (ق)، فقال تعالى (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ).

فأجاب بعضهم: بأن هذا كلام ابتدأ به المسلم، فقال (أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا)، [نحيا ونُبعث*]؛ فأنكر ذلك عليه [قومُه*]، وأعاد كلامه على ما هو عليه بأداة الإنكار، والمسلَّم كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن عظام بني آدم كلها تفنى إلا [عَجْب الذَّنَب*]، وهو قُدِّر بغرز إبرة؛ فلذلك قال: (عِظَامًا) في سورة (ق) حكاية عن كلام كافر ابتدأ من غير أن يتقدمه شيء.

قوله تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٥٥)}

قال المفسرون: إنما عرفه بعد مدة طويلة.

ابن عرفة: عادتهم يقولون: العطف بالفاء يقتضي التعقيب، وأجابوا: بأنه دله ولم يعرفه، ثم عرفه بعد مدة طويلة؛ كما تنظر صاحبك في السجن، فقد تبدلت سجيَّته وتغيرت حاله؛ فما تعرفه إلا بعد التأمل، وتكرار النظر.

قوله تعالى: {قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (٥٦)}

كان بعضهم يقول: هذا دليل على [أن*] القياس التمثيلي المستعمل في الكلام؛ لأن المعنى قاربت أن ترديني على مثل دينك؛ وقد نزل بك العذاب؛ فكان يترك في مثل ما نزل بك؛ والقسم بالتاء للتعجب.

قوله تعالى: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي ... (٥٧)}

أي: شاملة لنا.

قوله تعالى: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى ... (٥٩)}

ابن عرفة: ظاهر الآية يقتضي ما قال المفسرون. لأن الاستفهام بمعنى التقرير [يصير*] المنفي مثبتا، والمثبت منفيا، مثل (أَلَمْ تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ)، فيقتضي إثبات الموت والعذاب؛ أي نحن ميتون غير الموت الأول ومعذبون، وليس المراد [ذلك*]، فلا بد من إضمار، بل المعنى: نحن مبعوثون غير ميتين غير الموت الأول ومعذبون، فلم تدخل أداة الإنكار على المنفي، بل على مثبته، ونفي العذاب يستلزم [نفي الإعادة*].

قوله تعالى: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤)}

<<  <  ج: ص:  >  >>