قوله تعالى: {واتقوا الله ... }.
إشارة إلى مراعاة حق الولد في ذلك لأنه لا يتكلم ولا يخبر بشيء.
قوله تعالى: {واعلموا أَنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
ابن عرفة: الوصف ب (بصير) أشدّ في الوعيد والتخويف من الوصف ب (عليم) لأن الإنسان قد يتجرأ على مخالفة سيده الغائب عنه وإن علم أنه يعلم ولا يتجرأ على مخالفته إذا كان حاضرا يشاهده وينظر إليه.
فائدة: سئل الشيخ ابن عرفة عن امرأة سقطت حضانتها لولدها إما لتزويج أو سفه أو عجز أو غير ذلك ثم إنها اشتاقت إلى الولد وأخذته فبقي عندها عاما كاملا ثم طلبت من أبيه نفقته فادّعى أنّه كان ينفق عليه؟
فقال ابن عرفة: بأنّ القول قولها فتحلف وتستحق، وقصارى الأمر أن تكون كالأجنبية إذا أنفقت على الولد. وقد قال في المدونة: القول قولها. وهذه لما سقطت حضانتها صارت كالأجنيبة. أنتهى.
قوله تعالى: {والذين يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ... }.
قال ابن عرفة: وتقدم لنا فيه سؤال وهو أن يقال: ما الفائدة في زيادة (منكم) ولو أسقط لكان اللَّفظ أعم فائدة؟ كما تقدم لنا الجواب عنه بقول بعضهم: إن العام إذا قيد بشيء غالب أمره أنه يتخصص به، وقد يكون تقييده موجبا لتأكيد عمومه كهذه الآية، فإن توهّم وقوع المخالفة ممن لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (من المؤمنين) أشد من توهّم وقوع المخالفة ممن أدركه منهم فإذا خوطب بذلك من أدركه فأحرى من سواهم، ف (منكم) تأكيد لا تخصيص. وأجيب أيضا بأنّ (منكم) تخصيص لا تأكيد.
والمراد من المسلمين الحاضرين والغائبين وغلب فيها ضمير المخاطبين على غيرهم ويكون في الآية على هذا دليل على أنّ الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة.
فإن قلت: ما فائدة قوله: «بِأَنْفُسِهِنَّ»؟
قلت: فائدته التنبيه على مجاهدة النفس بمنعها شهواتها وتحملها الصبر على النكاح حتى تنقضي العدة.
فإن قلت: ظاهر الآية أن يكون التربص مقصودا لها. والمذهب على أنها إذا لم تعلم بوفاة زوجها إلاّ بعد مضي العدة فإنّها تجزيها تلك ولا تستأنف عدة أخرى بوجه؟
قلنا: الأغلب في النساء معرفة - وكذلك المذهب - في الأربعة أشهر وعشرا أنها تكفي بشرط أن تحيض فيها حيضة وهو الأعم الأغلب في النساء فإن لم تحض (واسترابت) رفعت إلى تسعة أشهر فإن زالت عنها/ الرّيبة فقد انقضت عدتها وإن (استرابت) بحس بطن فإنّها تمكث أقصى أمد الحمل، ولهذا قال في المدونة: والعدة في الطلاق بعد الرّيبة وفي الوفاة قبل الريبة.