يحتمل أن يراد في التخلف عن الجهاد، ويحتمل أن يراد في الأكل من كل جهة، ويحتمل أن يراد نفي الحرج عمن يأكل مع الأعمى، وله أن يجعل يده في الإناء، فيكون إما على حذف مضاف، أي ليس على مُجالس الأعمى حرج، أو تكون على التعليل كما قال ابن مالك، أي ليس لأجله حرج.
نفي الحرج عن الإنسان في الأكل من البيوت معلوم، فما فائدته إلا التساوي بينه وبين نفي الحرج عن الأكل من بيت الآباء مع أن طاعة الأم آكد لتكرار [دخولَ الأبناءِ إياها*]؛ لأن النفقة واجبة على الآباء، وقدم العمة؛ لأن الحضانة لها عند الإمام مالك رحمه الله دون الخالة، فإن قلت: أفرد الصديق وجمع غيره، قلت: إنما أفرده لقلته أو أراد به الجنس.
يحتمل أن يراد مطلق الإيمان، والكاملون الإيمان، وهو [الأعم*]؛ لأن الخبر عندهم أعم من المبتدأ؛ لأن في المحصور؛ لأنه أخص بقول: إنما العالم زيد، والخبر هنا مقيد بتوقيفهم على استئذانه، إذا كانوا معه على أمر جامع، فدل على أن المراد الكاملون في الإيمان، ولا يلزم منه أن يكون أويس القرني منهم، لأنه لم يرَ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يكن معه حتى يستأذنه.
قوله تعالى:(فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ).
لا يؤخذ منه أنه مجتهد؛ لأن هذا اجتهاد في محل الحكم لَا اجتهاد في إثبات حكم شرعي، كما استأذنه بعضهم في التخلف عن الجهاد، [فإن بدا له عذر يمنعه ويبيح له التخلف فيأذن له*].
والنهي للتحريم والمصدر مضاف إما للمفعول، أي دعاؤكم للرسول، وهو أن الداعي إذا دعا يقول: السلام عليك يا رسول الله، ولا يقول: السلام عليك يا محمد، فأمروا بالتأدب معه أو مضاف للفاعل، أي لَا تجعلوا دعاء الرسول لكم إلى أمر من الأمور كدعاء بعضكم لبعض بحيث تمتثلوا أمره تارة، وتخالفوه أخرى، فإن قلت: ما فائدة قوله (بَينَكُم)، [والأصل عدمه*]؛ لأن النهي على المطلق [أولى*] من النهي المقيد؟ فالجواب: أنهم إذا نهوا عن مخالفة أمره فيما بينهم، أي في حال غيبته عنهم، فأحرى أن ينهوا عن مخالفة أمره فيما بينهم وبينه، أي بحضرته معهم، فيعلق النهي بالأخص؛ ليدل على ما عداه من باب أحرى.