تنبيه على استغناء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والمؤمنين عنهم [ ... ]. وعدم احتياجهم إليهم حتى كأنهم يخلفونهم بأنفسهم.
قوله تعالى: (وَكَرِهُوا).
إن جاء هذا ليس بتكرار لأن الفرح بالشيء لَا يستلزم كراهة ضده؛ بل قد يكرهه وقد لَا يكرهه، هذا إن قلنا: إن نقيض المستحيل ليس بمكروه.
قوله تعالى: (فِي سَبِيلِ اللَّهِ).
إشارة إلى أنهم كفروا بالله ورسوله، فالكفر بالرسول في قوله (بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ)، والكفر بالله في قوله (رَسُولِ اللَّهِ) ولم يقل: مع رسوله فهم كرهوا الجهاد للإيمان بالرسول وبالإيمان بالله.
قوله تعالى: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ ... (٨٣)}
ابن عرفة: رجوعه من غزوة تبوك تحقيق الوقوع، فهلا عبر عنه بـ إذا، وأجيب بوجهين: أحدهما: أن الشرط مركب من جملتين؛ أحدهما: قوله (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) استئذانهم له غير محقق.
الثاني: أن المحقق إنما هو الرجوع إلى بلده، وأما رجوعه إلى طائفة منهم فمعنى
محقق؛ لأن المرجوع إليهم هم المنافقون الذين [يخلفون*] لغير عذر إشارة إلى أن
الرجوع إليهم يوهم أن الحاجة إليهم داعية، وأنه مضطر إلى الاستعانة بهم؛ فعبر بإن
إشارة إلى أن لم يرجع إليهم وإنه إنما رجع إلى بلده فالرجوع إليهم غير واقع.
قوله تعالى: (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ).
ولم يقل: فاستأذنوك في الخروج؛ لأن الكلام يحتمل [ ... ] بها أن يكون مرغوبا فيه، أو مرغوبا عنه، فيحتمل أن يكون مرغوبا فيه أو مرغوبا عنه، فيحتمل أن يكون قصدهم الإقامة.
ابن عرفة: وعادتهم يقولون لأي شيء أتى بالفعلين الأولين بصيغة الخبر وهما لم يخرجوا ولم يقاتلوا، وأتى في الثالث بصيغة الأمر، فهلا قيل: لن يخرجوا [ولن*] يقاتلوا معي عدوا فقعدوا مع الخالفين، أو يقال: لَا تخرجوا معي أبدا، ولا تقاتلوا معي عدوا فقعدوا مع الخالفين.