المراد بالقول متعلقه، ومدلوله، وهو ما وعدوا به من أشراط الساعة، ومن ذلك خروج الدابة، فلا بد أن يكون المعنى وإذ وقت وقوع القول عليهم أخرجنا لهم الدابة، والقول يقع عليهم ولهم؛ لأن فيهم المؤمن والكافر لكن روعي مقام التخويف والإنذار قال: وعوائد الطلبة يقولون: لما عبر في الأول بالقول وبالثاني بالكلام، وهلا قيل: وإذا وقع الكلام عليهم، أو يقال: أخرجنا لهم دابة تقول لهم، قال: وتقدم الجواب بأن القول بسيط والكلام مركب؛ لأنه أخص، والقول أعم، والشرط بسيط، والمشروط مركب؛ لأنه يستلزم الشرط، والشرط لَا يستلزم المشروط، فناسبت أن يجعل القول البسيط شرطا، والكلام المركب شرطا.
ابن عرفة: فيها حذف التقابل وتقرير أن في سورة القصص (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)، فجعل السماع من خاصية الليل، والإبصار من خاصية النهار، والتقدير: ألم يروا أنا جعلنا الليل مظلما لتسكنوا فيه، والنهار مبصرا لتبتغوا فيه من فضله، فحذف من الأول نقيض ما ذكر في الثاني، ومن الثاني نقيض ما ذكره في الأول، وعبر عن السكون بالفعل، وعن الإبصار بالأصم؛ لأن الإبصار لازم النهار، والسكون غير لازم الليل، وليس من فعله، ألا ترى أن الصالحين لَا يسكنون بالليل، بل يقومونهم وهو نهارهم، ولذلك خرج الترمذي حديثا:"إن رجلا دخل على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورضي عنها فقدمت له طعاما، فقال: إني صائم، فقالت له: ألك زوجة؟ فقال: نعم، بل زوجتان سوداء وبيضاء، وانصرفت ثم وصفته للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال: هو الخضر عليه الصلاة والسلام، والزوجتان: الليل والنهار"، قوله تعالى:(لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).