ابن عرفة: اختلفوا في الوعد على ثلاثة أقوال، فقيل: الوعد أعم يطلق على الخير والشر، وقيل: الإيعاد أعم والصحيح أن الوعد في الخير، والإيعاد في الشر.
قوله تعالى:(مَغفِرَةٌ).
ابن عرفة: فيه إشارة إلى أن وجود السيئات لَا تنافي ثبوت الحسنات، قيل له: إنما خالف المعتزلة في الكبائر، فقد يقال: أن المغفرة راجعة للصغائر، فقال: ألم أقل أن فيها حجة على المخالف وإبطالا لمذهبه، وإنما قلت: أنها دالة على أن مطلق السيئات لَا تنافي وجود الحسنات، ابن عرفة: فإِن قلت: لم قال (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ولم يقل: مغفرة عظيمة؟ قال: فعادتهم يجيبون بأن ذلك إشارة إلى الحضّ على تكثير الأعمال الصالحة وتقليل السيئات، لأن كثرة الأجر والثواب يشعر بكثرة الحسنة، وتقليل المغفرة يشعر بقلة سبب متعلقها، ولو قيل: مغفرة عظيمة لأوهم كثرة الذنب المغفور بها.
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا ... (١٠)} .. لما قال:(وَكَذَّبُوا)؛ لأن الكافر على قسمين: جاهل بالآيات، وكافر كفر بعد وضوح الآيات والمعجزات الدالة على صدق الرسول، كما أن العاصي في التعامل بالربا وأكل مال الغير على قسمين: فواحد يعلم أنه حرام ويقدم عليه، وآخر يجهل ذلك.
قوله تعالى:(أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)
الإشارة بلفظ الخبر للتعظيم في بابه.
قيل لابن عرفة: احتج بعضهم على المعتزلة في أن اسم الإشارة يقتضي الحصر، فدل على أن العاصي غير محله في النار؛ لأن المبتدأ منحصر في الخبر، فرده ابن عرفة بأن الخبر منها أعم من المبتدأ، ولفظ [الصحبة*] الصحيح عند المحدثين أنه لَا يصدق على من لازم صاحبه منهم أصحاب الجحيم الملازمين له فلا ينافي أن يكون غيرهم يدخل الجحيم ولا يدوم مكانه فيه.