للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبر بالوقوف نفسه فيقول: ثم قفوا من حيث وقف الناس، فما السر في ذلك؟

قال: وعادتهم يجيبون عن ذلك بأنّ قريشا كانوا لا يخرجون من الحرم لشرفه ويرون الخروج عنه موجبا للوقوع في الإثم، (ويقفون بالمشعر الحرام، فأتت الآية ردا عليهم وتنبيها على أن الخروج هنا لاينقص أجرا ولا يوقع في الإثم) ثم إنّ الإتيان إلى المحل الشريف من

المحل البعيد مُشْعِر بنهاية تعظيمه وكمال تشريفه، فقصد التنبيه على الحكم مقرونا بعلته، وهذا هو المذهب الكلامي عند البيانيين.

ولو قيل: ثم قفوا، لما أشعر بالانتقال والرجوع من الحل إلى الحرم بعد الخروج منه، فعبر بالإفاضة التي من شأنها أن لاتكون (إلا بعد) وقوف لإشعارها بالانتقال من المحل البعيد وهو عرفة لأنه في الحل إلى هذا الحرم الشريف تكريما له وإجلالا، فالإفاضة مستلزمة للرجوع إلى الحرم، ومشعرة بالوقوف المستلزم للخروج من الحرمِ إلى الحل.

قيل لابن عرفة: أو يجاب بأنه عبر بالإفاضة للمناسبة بينه وبين لفظه في أول الآية والله أعلم.

قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ ... }.

المراد: القضاء المطلق اللّغوي وهو فعل (العبادة) سواء كان في وقتها أو بعد وقتها، أي إذا فرغتم من حجكم.

قوله تعالى: {كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ... }.

الأشدية إما في القدر أو باعتبار حضور النيّة فالمراد إما الإكثار من ذكره أو كمال الحضور والإخلاص في ذكره. وفي إعرابه ستة أوجه.

قال الزّمخشري: «أَشَدّ» معطوف على ما أضيف إليه الذكر في قوله {كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ}.

قال الطيبي: وضعفه بعضهم لأن فيه العطف على (المضمر المخفوض) من غير أعادة الخافض. قال ورد قراءة من قرأ {تَسَآءَلُونَ بِهِ والأرحام} بالخفض أقبح رد.

قال ابن عرفة: وهذا إما كفر أو معصية لأنها قراءة حمزة.

قال ابن عرفة: ومنهم من فرق بين العطف على الضمير المجرور بالحرف وبين العطف على المخفوض (بالإضافة) فأجاز العطف على المضاف من غير إعادة الخافض.

<<  <  ج: ص:  >  >>