بدلا عنه.
قال ابن عرفة: ودلالة المطابقة حقيقة ودلالة التضمن والالتزام مجاز.
فإن قلت: ليس الكتب في الآية معرفا بالألف واللاّم (بل مضافا)؟
قلت: الإضافة عاقبة الألف واللاّم.
ولذلك قال ابن التلمساني شارح المعالم في المسألة الثانية من الباب الثالث: إن من ألفاظ العموم صيغ الجموع المعرفة بلام الجنس أو بالإضافة.
ابن عرفة: وفائدة هذا الترتيب في الآية ما يقولونه: وهو التركيب والتحليل لأنّك إن بدأت من أول قلت: الله الأول، والملائكة يتلقون الوحي منه، والوحي في ثالث رتبة، لأنّه ملقى ومتلقى كقولك: أعطيت زيدا درهما، فالدرهم معطى ومأخوذ، فهو مفعول بكل اعتبار، وزيد فاعل ومفعول فالرسل في الرتبة الرابعة. وإن بدأت من أسفل قلت: الرسل المباشرون لنا والقرآن هو الذي يقع به المباشرة وهو منزل عليهم ثم من أنزله من عنده.
قوله تعالى: {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ... }.
فإن قلت: كيف هذا مع قوله {تِلْكَ الرسل فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ} قلت: إذا أسند الحكم إلى الشيء فإنما يسند إليه باعتبار (وصفه) المناسب له وقد قال: «من رسله» فما التفريق بينهم إلا في وصف
الرسالة أي لا نؤمن ببعضهم ونترك بعضهم بل نؤمن بالجميع. قال الله تعالى {إِنَّ الذين يَكْفُرُونَ بالله وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ الله وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ.}
قوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ... }.
ابن عرفة: تقدم في الآية السابقة أنّها (إما) منسوخة او مخصوصة بهذا أو مبيّنة بهذا.
زاد ابن الخطيب أنها من كلام الناس.
ورده ابن عرفة: بأنّ هذا خبر فلا يصح أن يكون من كلام الناس إذ لا طريق لهم إلى معرفته إلا أن يكون أنزل قبله ما هو في معناه.
قال ابن عرفة: وتكليف ما لا يطاق فيه ثلاث أقوال:
مذهب أهل السنة جوازه، ومذهب المعتزلة منعه، والثالث الوقف.
وإذا قلنا بالجواز فهل هو واقع أم لا؟ فيه خلاف. وتردد الأشعري في وقوعه، وقسمه ابن التلمساني على خمسة أقسام والخلاف إنما هو في قسمين وهما المستحيل عقلا والمستحيل عادة، وما عداهما فلا خلاف فيه إذ ليس من تكليف ما لايطاق.
قال في (شرح) المحصول: وفائدة التّكليف بالمستحيل عقلا أو عادة أن يكون علامة على (شقاوة) المكلف بذلك لأنه
لا يتوصل