للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كيف أكد القتل بأن الله أعلم بخفيات الأمور؟ فأجاب ابن عرفة: بأن التوكيد اعتبار المعطوف، وهو خوف القتل.

قوله تعالى: {مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى ... (٣٦)}

قال الزمخشري: [سِحْرٌ مُفْتَرىً سحر تعمله أنت ثم تفتريه على الله. أو سحر ظاهر افتراؤه. أو موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر وليس بمعجزة من عند الله*]، زاد ابن عرفة: أو سحر اخترعته، وحيث فيه جديد مبتدأ غير معهود في السحر بوجه لم يعلم له نظير في السحر.

قوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ ... (٣٧)}

قرأ ابن كثير بحذف الواو، والباقون بإثباتها.

ابن عرفة: وجهه أن من راعى كيفية اللفظ ومعناه فأثبتها.

قوله تعالى: {وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ ... (٣٩)}

[أي*]: الاستكبار على شخص مع استحقار المستعلي [لمن تحته*]، وفي الأرض تنبيه على أن من هو في الأرض المحقرة الموطأة بالإقدام لَا ينبغي أن يستعلي.

قوله تعالى: (بِغَيْرِ الْحَقِّ).

إما سبب، والمعنى واستكبر هو وجنوده بسبب هو غير حق، فيرجع إلى متعلق الاستكبار، وهذا صواب لأنهم إذا ذموا على الاستكبار بسبب أحرى أن يذموا على الاستكبار بغير موجب بوجه.

قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ... (٤٧)}

قال ابن عرفة: من شرط الواقع بعد لولا أن يكون موجودا، كقولك: لولا زيد لهلكنا، وهو هنا [مقدرٍ محذُوفٍ*] [أي: لوْلاَ سبب أنْ تصيبهُمْ.] (١).


(١) بياض، وهو خرم في المخطوطة من الآية ٤٧ في سورة القصص إلى الآية ١٦ من سورة لقمان، ولعله سقط من النَّاسخ، وذلك لأن صفحات المخطوط متتالية في الترقيم والبياض المشار إليه بمقدار مصف صفحة، وهو أقل من السقط بكثير، والله أعلم.
ومن باب الفائدة فقد رأيت أن أجبر هذا السقط من كتاب (نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد، لأبي العباس البسيلي التونسي (المتوفي ٨٣٠ هـ)
قال رحمه الله:
"٤٧ - {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ}:
"لوْلا" هُنَا حرْفُ وُجُودٍ لامتناعٍ.
فإنْ قلتَ: شرْطُ ما تدْخُلُ عليهِ أنْ يكونَ موْجوداً لَا مقدَّرَ الوجودِ، وهو في الآية مقدر الوجود.
فالجوابُ أن "لولا" هنا دخَلتْ على مقدرٍ محذُوفٍ، أي: لوْلاَ سبب أنْ تصيبهُمْ.
{وَعَمِلَ صَالِحًا}:
العطفُ يقتضي مغايرَةَ العمَلِ للإيمانِ، إِلاَّ أنْ يُفَسَّرَ بالنوافلِ. وللمعتزِلَةِ في كونها من الإيمانِ قوْلانِ.
فإنْ قلت: الأصلُ فيما فُصِلَ بأمَّا أنْ يتقدمهُ مجملٌ كقوله: "جاءَ القومُ، أمَّا الصُّلَحَاء فأكرمتهم، وأمَّا الطُّلَحَاء فأهنتهُمْ". وَلاَ بُدَّ مِنْ صدقِ المُفَضَّل على كلِّ قسمٍ، فلا تقولُ: "جاءَ القومُ، أمَّا الكلابُ فضربتهُمْ، وأَما الَدَّوابُّ فعلفتهم"؛ ولَمْ يتقدمْ هنا غيرُ قوله تعالى (فَعَميَتْ عَلَيْهِمُ الأنبَاءُ) وهو لا يَحْسُنُ لِمَا ذكرنا.
قلت: هو تفصيلٌ لقولهِ تعالى (أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسناً) الآية، أَوْ لِمفهومِ (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ)؛ لأن المبعوثَ إليهم منهمْ منْ آمنَ وعملَ صالحاً، ومنهمْ منْ لمْ يومنْ.
سُورَةُ الْعَنْكَبُوت
٤ - {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}:
لمْ يقلْ "مَا يعملونَ"، لاسْتلزامِ الحكم العمَل؛ لأن الحاكمَ عاملٌ دونَ عكسٍ.
٨ - {وَوَصَّيْنَا}:
هوَ أبلغُ مِنْ "أمَرْنَا"؛ لاقتضاءِ "وَصَّى" التَّكرارَ، بخلافِ "أَمَرَ".
{وَإِنْ جَاهَدَاكَ} الآية:
شبهُ احتراسٍ.
١٢ - {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا}:
أي: سبيلَناَ الواضحَ البَيِّنَ لنا ولغيْرنا، ولذا لَمْ يقولوا "اتَّبعونَا" وإنْ كانوا هُمُ الحاملينَ.
{إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}:
تأسيسٌ لقولهِ (ومَا هُمْ بحَامِلينَ)؛ لأنهمْ قالوا (ولْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ).
الزمخشري: "هذا إنْكار منهمْ للحشْرِ، فقال تعالى (وَمَا همْ بحاملينَ مِنْ خَطَايَاهُم) رَدّاً لظاهرِ قولهمْ (إنَّهُمْ لَكَاذبُونَ) في إنكارهم الحشر، بلْ هم غير حاملين خطاياهم، والحشر حق".
وفي الآية رد على ابن قتيبة أنّ الكذبَ إنما يتعلق بالماضي، وأمَّا ما يتعلق بالمستقبل فخُلْفٌ لا كذب؛ وتقريرُ الردِّ أن اللَّه كذّبهم في قولهم (وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ) وعلَّقوا ذلك على اتِّباعِهم سبيلَهم؛ والصحيحُ أن الكذب هو "الإخبار بالأمر على خلاف ما هو" أعمّ مِن أن يكون متَعلَّقُه ماضياً أو مستقبلا.
٢٢ - {وَلَا فِي السَّمَاءِ}:
وفي آية الشورى، لم يقل "ولا في السماء"، فقال صاحب "برهان القرآن":
"إنما قال هنا (وَلاَ فِي السَّمَاءِ)؛ لأن نمرودا صعد إلى جهة السماء، وآية الشورى ليس فيها ذلك".
ع: "وهذا يحتاج إلى خبر صحيح؛ والفرق عندي بين الآيتين قَصْدُ الإطناب في هذه، لتَقَدُّم قوله (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ) فعلَّق ذلك على المشيئة التي لا كسْب للعبد فيها، فناسَبَ الإطناب؛ وأما في آية الشورى فتقدَّمَها قوله (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)، فعلَّقَ ذلك على كسبِ أيديهم، وعقَّبه بذِكْر العَفو، فناسب ذكر الأرض خاصّة".
٥٢ - {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا}:
الواقعُ في آياتِ القرآنِ تقديم (شهيداً) إلا في هذه الآية، ووجْه تقديم الظرف هنا أنه الأهمُّ لتقدّم ذكر المجادلة المقتضِية للبيِّنة.
٥٣ - {لَجَاءَهُمُ}:
لم يقل "لعاجلهم" مع كونه المناسبَ لـ "يستعجلونك"، لئلا يُتَوهم أن سببَ نزول العذاب بهم هو استعجالُهم.
سُورَةُ الرُّوم
٣٠ - {حَنِيفًا}:
فسروا الحنيفَ بالمائل، ولم يذكروا مُتَعَلَّقَ الميل، وهو باعتبار فروع الشرائع، فإنّ شريعتَنا مائلةٌ باعتبار الفروع؛ لأنّ فروعَها أخفُّ من فروع غيرِها؛ واتّفق الكلُّ على الوحدانية.
٥٥ - {مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}:
هذا مُتَعَلَّق القسَم، ووجْه الرّدّ عليهم بقول الذين أوتوا العلم، أنّ المجرمين حصروا لُبْثهم في ساعة، فردُّوا عليهم بأنَّ لبثهم غيرُ محصور ولا موَقَّت، بل هو إلى يوم القيامة، وهو غيرُ معلوم.
٦٣ - {الْقَوْلُ}:
إِنْ قلت: لِمَ جَعَلَ التذَكُّرَ علَّةً للقولِ الذي هُوَ أَعَمُّ مِنَ الكلامِ؟.
قلت: إنمَا جُعِلَ علَّةً له مِنْ حيثُ كونُهُ جزءَ كلام، ومَا لَزِمَ الجزءَ لزِمَ الكُل.
٦٧ - {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ}:
التوبةُ هنا الإقلاعُ عنِ الشِّرْكِ، والإيمانُ التصْديقُ بنبُوةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فهو تأسيسٌ.
سُورَةُ لُقْمَان
٦ - {بِغَيْرِ عِلْمٍ}:
عُدولٌ يقتضي وجود الموضوع، أي بشيء وهو غير علم، والمراد بـ "العلم" ما يستنبط بالعقل وبـ "الهدى" ما يستفاد من الغير وبـ "الكتاب" الدليل السمعي من القرآن والسنة.
٧ - {وَلَّى مُسْتَكْبِرًا}:
يقتضي سماعه الآيات تتلى وقوله (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا): نَفَى السماعَ النافع.
١٧ - {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ}:
قول ابن عطية: "يريد بعد امتثَالِه في نفسِه"، اعتزال.
٣٤ - {عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}:
وجْه حُكم الحصرِ في عِلْمُ الساعَةِ تقديمُ الظرف، وفي (يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) من مفهوم (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ ماذَا تَكْسُب غَداً)، فإنه إذا لم يَدْرِ ما له فيه كسب، فأحْرى ما لا كسب له فيه، وهو إنزالُ الغيث". اهـ (نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد، لأبي العباس البسيلي. ٣/ ٣٧٥ - ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>