يحتمل أن يكون مما أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بتبليغه، أي قل لهم (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ)، وقل لهم (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ) أو هو كلام ابتداء الكلام، فإن قيل: المفاتح يوهم السبب، والله عالم بالغيب من غير احتياج إلى سبب لذلك ولا إلى مفتاح، قلنا: هذا إشارة إلى وصوله إلى ما لَا يقدرون على التوصل إليه فهو تنزل معهم على ما يفهمونه، وقوله (لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) دليل على أن الله عالم بالجزئيات كما يعلم بالكليات، ففيه رد على الحكماء بالجزئيات والطبائعيين، ورد على المنجمين وأجابوا هم بأن الغيب ما لم ينصب عليه دليل.
ابن عرفة: يحتمل أن يكون من التقسيم المستوي، ويحتمل أن يكون مثل: مطرنا السهل والجبل، وضربت الظهر والبطن بناء على أن الرطب واليابس هل بينهما واسطة أم لَا؟.
قال ابن عطية: القاهر إن كان صفة فعل أي مظهر القدرة بالرياح والصواعق فيصح أن يجعل فوق نظر قاله؛ لأن هذه الأشياء تتنزل من فوق، وإن جعل صفة ذات من القدرة والاستيلاء كانت الفوقية معنوية.
فرده ابن عرفة بأن ذلك إنما هو في القهر، وأما القاهر فهو صفة لله تعالى واسم من أسمائه فلا يصح تعلق الفوقية به على أنه حقيقة؛ لأنا إذا قلنا: زيد القائم فوق السطح فالسطح ظرف له وللقيام.
وابن عطية أخذ الصفة مجردة عن الذات، فقيل له: عد المتكلمون في الأسماء القادر والقاهر، فعل القادر أعم؛ لأن فاعل الفعل تارة يكون محبا فيه، وتارة يفعله كارها له، وتارة يتوسط حاله، فالقدرة تشمل الثلاثة، والقهر يختص بفعله كارها له، والقادر إن كان معناه مظهر القدرة فهو صفة فعل حادث، وإن كان بمعنى القدرة فهو صفة معنى قوية.