للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ ... إلى قوله (تَوَلَّى ... (١١٥)}

احتج بها الشافعي على أن الإجماع حجة ودليل قاطع؛ لأنه قرن اتباع غير سبيل المؤمنين [بمشاقة*] الرسول وهي حرام فدل أن اتباع (غَيرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) حرام، أو لا يصح أن يقال: من زنا وأكل الحلوى فاجلدوه، قال ابن الحاجب: وأُجيب بأن الآية تحتمل متابعته، أو مناصرته والاقتداء به، والإيمان نصير دون الإنسان التمسك بالظاهر إنما يثبت بالإجماع بخلاف التمسك به في القياس، وقرره الأصبهاني بأن الآية ليست دليلا قاطعا في وجوبه متابعة الإجماع؛ لأن اتباع سبيل المؤمنين عام يتناول اتباعهم في متابعة الرسول واتباعها واتباعهم في نصرته والذب عنهم، واتباعهم في فرقة والذب عنه، واتباعهم بالاقتداء به، واتباعهم في الإيمان به، ودلالة العام على فرد من أفراده في المعنيين ليس بقطعي؛ لجواز تخصيصه وإخراج [تلك الفردية*]، وإذا لم يكن قطعيا وتمسك به في كون الإجماع حجة لزم الدور؛ لأن التمسك بالظاهر إنما يثبت بالإجماع، وأجاب الأصبهاني بأن الدور إنما يلزم أن لو لم يكن غير الإجماع دليلا على أن الظاهر حجة؛ لجواز نص قاطع أو استدلال قطعي على ذلك كقولنا: الظاهر مظنون، وكل مظنون يجب العمل به مطلقا؛ لأنه لو لم يعمل بواحد من النقيضين لزم دفعهما، فإن عمل بما لزم اجتماعهما، وإن عمل بالمرجوح لزم خلفه صريح العقل فبينهن الظن بالمدلول، وأورد الفخر في المعالم: على [إجماع*] الشافعي إيرادات، منها: القول بالموجب وهو دلالتها على تحريم اتباع المكلف غير سبيلهم، إما عند مشاقة الرسول لَا مطلقا، وإما بعد تبين الهداية فالوقوف على مسند إجماعهم، وإما اتباعه سبيلهم في الإيمان في فروعه، وإما مخالفة كل سبيله لَا بعضهم، وإما أن يراد سبيل المؤمنين إلى قيام الساعة فلا ينتج الإجماع في مسألة أبدا إذ لَا يعلم ما يقول فيها من يأتي بعد ما قال سلمان: الآية عامة لكنها مخصوصة بصلاح أجمعوا عليه إذ لَا يجب اتباعهم فيه، وأيضا سبيلهم طريقهم الفعلية [محمولة*] على القولية مجازا، وأيضا فلا يلزم من تحريم اتباع غير سبيل المؤمنين وجوب اتباع سبيلهم، أو فيهما واسطة وهو عدم اتباعهم، وإن سلمناه فمفهوم مخالفة من أضعف الدلالات وأيضا فلو دلت على وجوب اتباع سبيلهم عموما لدلت على اتباعهم في مسند علمهم لَا في نفس حكمهم، وأيضا فالمؤمنون عام يدخل فيهم الموجودون حين نزول الآية وإنفاقهم في زمن الرسول فليس بحجة وبعد موته لم يبق إلا بعض المؤمنين سلمنا، ولكن عادتهم اعتقاد قلبي يعم بعلمه، وأجاب ابن التلمساني عن هذه السؤالات بأجوبة طويلة انظرها في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) قال ابن عطية: إنها صفات كافر مات على كفره فهو مخلد في النار بإجماع، ومؤمن حسن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>