قال ابن عرفة:(وَكُلُوا). إن قلنا: أن أصل الأشياء على الحصر فيكون الأمر في كلوا على الإباحة، وإن قلنا: أن أصل الأشياء على الإباحة فيكون الأمر به الامتنان.
قوله تعالى:(وَقُولُوا حِطَّةٌ).
أخذوا منها مع آية البقرة أن الواو لَا تفيد الترتيب، وأجاب ابن التلمساني: بأنا إذا قلنا: أن المراد بقوله (حِطَّةٌ). كلمة التوحيد فيكونوا أمروا بأن يقولوها قبل الدخول وبعده، قال ابن عرفة: وكذلك إذا لم يكن المراد بها كلمة التوحيد، فأجيب بأنها إن كانت كلمة التوحيد فيكون دوامها ضروريا وغيرها ليس بضروري.
قوله تعالى:(سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ).
هو هنا بإسقاط الواو، وفي البقرة بالواو، وقال البيانيون: إن كان الفعل الثاني قريبا من معنى الأول جدا وبعيدا منه جدا أو دخلت الواو بينهما، وإن كانت منافاته له في حيز التوسط حذف الواو وهناك عبر بالدخول، وهو أعم من السكنى فقد ثبت لهم المعنى الأخص فحذفت الواو.
ابن عطية: يدل معناه غير اللفظ دون أن يذهب بجميعه، وأبدل إذا ذهب به وجاء بلفظ آخر، فرد عليه أبو حيان، بقوله تعالى:(عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ)، وبقوله (فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ)، وبقوله (عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا) قال ابن عرفة: هذا يقتضي كله تبديل الذات، وإنما حقه أن يرد عليه، بقوله تعالى:(ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ) فإن التبديل هناك تغيير بعض اللفظ دون أن يذهب بالمعنى، قيل له: بنو إسرائيل غيروا اللفظ كله والمعنى لأنهم أمروا أن يقولوا حطة فدخلوا يزحفون على استاههم وقالوا: حبة في شعيرة.
قال ابن عرفة: هذا مخالف لما يقول المنطقيون والنحويون من أن الطلب من الأعلى للأدنى يسمى أمرا، أو عكسه يسمى مسألة؛ فكان يقول على هذا: أو أمرهم بأن يخبروك بخبر القرية التي كانت حاضرة البحر.