الذي هو الإطعام وإطعام الطعام مقصد، والحض عليه وسيلة، والذم على ترك المقصد آكد، فإذا [ذموا*] على ترك الوسيلة، فأحرى أن يذموا على ترك المقصد، والوصف بالعظيم، وانظر هل واحد من الأمرين علمه [مستقل*]، فيستفاد منه أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة أو [**العلة، إنما قد عدم إيمانه]، والآية نزلت في أبي جهل، وليست خاصة به، لأن خصوص السبب لَا يمنع من عموم اللفظ.
قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ ... (٣٨)}
الفاء للتسبيب وتقرير السببية، أنه لما تقدم ذكر من أوتي كتابه بيمينه وفرحه وثوابه، ومن أوتي كتابه بشماله وحسرته وعقابه، وكان ذلك أمرا مغيبا لَا يصدق به إلا من آمن، أتى هنا بفاء السببية؛ إشارة إلى أنه بسبب ذلك وقع القسم على أن القرآن المتضمن لما تقدم قول صادق، ومنهم من جعل النفي لما تقدم، ووجهه أن المنكر للحشر والنشر والحساب، لَا بد أن يأتي بشبهة على مذهبه، وهؤلاء ليست لهم شبهة على تكذيبهم، وينبغي على هذا أن يوقف على قوله:(فلا)، وإن جعلت النفي متعلقا بالقسم، فيكون غير مراد حقيقة، أي هذا الأمر ظاهر بحيث لَا يحتاج إلى القسم عليه، وقرئ [(فلأقسم) *] على أنها لام الابتداء دخلت على فعل القسم.
إن قلت: هلا قيل: لكلام رسول، لأن الكلام أخص من القول، لانطلاق القول على [المفيد*] وغيره في الاصطلاح؟ فالجواب: أنه إذا قيل هذا في القول المطلق على [المفيد*] وغيره، فأحرى الكلام، فإن قلت: هلا قيل: إنه لقول رسول أمين، [أو*] رسول صادق؟ فالجواب: أنه ليس المراد حقيقة الكلام، بل المعنى لقول رسول موصوف بالخير أو موصوف بالحسن والكمال.
قوله تعالى: {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٤٢)}
فيه سؤال يورد في حسن الائتلاف، وهو ما الحكمة في تخصيص [الأول*] بـ (تؤمنون)، والثاني: [(تَذَكَّرُونَ) *]، وجوابه: أن الشعر لما كان أمرا ظاهرا يدركه كل أحد بفطنته، ويعرف أنه شعر، عبر عنه بالإيمان الذي هو محمود التصديق، ولما كانت الكهانة أمرا خفيا لَا يدرك إلا بفكر وتأمل [قرنها*] بالتذكير.
تقرر أن (لو) عند النحاة منع فيها الثاني لامتناع الأول، لأن الأول سبب في الثاني، وعند الأصوليين يمتنع فيها الأول لامتناع الثاني، لأن الثاني لابد أن يكون متساويا