قال الزمخشري: هذه صفة مشبهة باسم الفاعل أي بديعة سماواته، مثل: حسن الوجه أي حسن وجهه، أو خبر لمبتدأ مضمر أي: هو بديع السماوات، كقولك: فلان ثبت العذر.
ابن عرفة: قال صاحب مختصر العين: العذر هو الموضع الكثير الحجارة، وثبت العذر أي لَا نظير معنى أنه لَا يغلب في القتال والحروب أشار إلى أن موضع الأحجار موضع الزهو وعدم الثبات فلا يقدر فيه على متابعة العذر إلا الرجل النحرير الشجاع فهذا الرجل يثبت وكذلك هنا لَا نظير له في إبداعه.
قوله تعالى:(أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ).
استدل في الآية على نفي الولد إما بالبرهان العقلي أو بالخطابة أما البرهان فتقديره أنه مبتدع الشهوات إبداعا لَا نظير له، فدل على أنه الإله والإله موصوف بالكمال منزه عن النقائص، والولد مناف لذلك، وأما الخطابة: فلأن الولد من صفات الأجسام إذ لا ولد في الحقيقة إلا لمن له صاحبة وهو سبحانه منزه عن المجانس.
قوله تعالى:(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ).
قال ابن عطية: هذا اللفظ عام لكل ما يجوز أن يدخل تحته ولا يجوز أن يدخل تحته صفات الله تعالى وكلامه، فليس هو عموما عن مخصوص كما ذهب إليه قوم. لأن العموم المخصوص أن يتناول العام شيئا يخرجه التخصيص فهذا لم يتناوله قط، وإنما هو قولك: قتلت كل فارس وأثخنت كل خصيم فلم يدخل المتكلم بهذا بوجه.
ابن عرفة: هذا خطا؛ لأنه فهم أنه داخل في متعلق لفظ خلق، ونحن نقول هو داخل في قوله:(كُلَّ شَيْءٍ)؛ لأن ذاته تعالى تدخل فيه إن قلنا إنها يصدق عليها لفظ شيء، وإسناد الخلق إلى ذاته قرينة في أنه عام مخصوص لَا يتناوله الذات ولا ما اتصف به.
قوله تعالى:(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
قيل لابن عرفة: أن ابن دهمان قال في شرح الإرشاد: أن هذا عام مخصوص؛ لأنه تعالى لَا يعلم له صاحبة، ولا يعلم له شريك، فقال ابن عرفة: يريد أنه مخصوص بالمستحيل فهذا غير صحيح؛ لأن المستحيل لَا يطلق عليه لفظ شيء بوجه.