قال ابن عطية: البينات: التوراة، والعصا، وفرق البحر، وغير ذلك من آيات موسى عليه الصّلاة والسلام.
قال ابن عرفة: إن أراد بالبينات الظاهرة فظاهر، وإن أراد المعجزات فليست التوراة منها، لأنها غير معجزة وإنما الإعجاز بالقرآن فقط. فإن قلتم: إنّها معجزة باعتبار اشتمالها على الإخبار بالمغيبات.
قلنا: الإعجاز فيها حينئذ (ليس هو من حيث المجيء بها بل من حيث الإخبار بالمغيبات فقط).
قال ابن عرفة: وذمهم أولا بكفرهم فيما يرجع إلى النّبوة بقوله: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَآءَ الله مِن قَبْلُ} ثم ذمهم بكفرهم فيما يرجع إلى الألوهية باتخاذهم العجل إلاها فهو ترق في الذم.
قال: ومفعول «اتّخَذْتُمُ» محذوف أي العجل إلاها، وحذفه مناسب، لأنه مستكره مذموم، فحذفه إذا دل السياق عليه أحسن من ذكره.
قوله تعالى: {خُذُواْ مَآءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ... }
على حذف القول أي القائلين: {خُذُواْ مَآءَاتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ}
قيل لابن عرفة: هل فيه دليل على أن الأشياء كلها محض تفضل من الله تعالى وليست باستحقاق لأن هؤلاء يستحقون ذلك؟
فقال: نعم.
قوله تعالى: {قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ... }
قال الطيبي: / هذا من القول بالموجب، ومنه قول الله تعالى: {يُؤْذُونَ النبي وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ} قال ابن عرفة: لا بل هو مغالطة منهم لأن السماع في قوله: «واسمعوا» ليس المراد به حقيقة بل هو من مجاز إطلاق السبب على مسببه، لأن السماع سبب في الطاعة، فكأنهم أمروا بالطاعة (فغالطوا) في ذلك، وحملوا الأمر بالسماع على حقيقته من أن المراد به الاستماع فقط فقالوا: «سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا»
قوله تعالى: {وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ العجل بِكُفْرِهِمْ ... }
الباء إما للمصاحبة أي مع كفرهم، أو للسببية فيكون العقوبة على الذنب بالذنب كما ورد أن المعاصي تزيد الكفر.
قيل لابن عرفة: إنما كفروا بعبادتهم العجل، ولم يتقدم لهم قبل ذلك كفر بوجه؟
فقال: لا بل كفروا أولا كفرا عاما بالاعتقاد، ثم عبدوا العجل (بالفعل).