بدأ بالاستفهام، إما لأن له صدر الكلام أو لما ذكر قبل، وقال (يَا بَنِي آدَمَ)، ولم يقل: يا أيها النَّاس، إما إشارة إلى يوم [أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ*]، أو لدخولهم في دعوة آدم عليه السلام إلى الإيمان.
وقال ابن عطية والفخر: العهد إما يوم [أَلَسْتُ*] أو على ألسنة الرسل.
قال الزمخشري:[ما ركزه فيهم من أدلة العقل*] يناسبهم على وجوب النظر عقلا.
قوله تعالى:(أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ).
إما حقيقة، لأن الشيطان في الأصنام، أو بمجاز باعتبار قبول وسوسته، وقدم النهي على الأمر، لأن اجتناب المنهي عنه [أولى من*] فعل المأمور به.
نسب الكلام إلى الأيدي والشهادة إلى الأرجل، وفي سورة النور (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ)، وفي فصلت (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ)، انظر الفخر، وأضاف الكلام إليه دون الشهادة مع أنها أشرف، فلم يقل: وشهد لنا، أو عندنا، وتقدم كلام الأيدي على شهادة الأرجل، وجواب الأول: أنه لو قال: لنا؛ لتوهم النفع بالشهادة، ولو قال: عندنا؛ لطال الكلام دون فائدة، وجواب الثاني: أن الأيدي أشرف من الأرجل، ويحتمل أن يكون في الآية حذف التقابل؛ أي: تكلمنا أيديهم وتشهد، وتكلمنا أرجلهم وتشهد.
قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا ... (٦٦)}
فيه سؤال، وهو أن [الجملة الفعلية*] إذا أريد أن يرتب عليها مستبعد الوقوع، فإنما يؤتى فيه بمسببها لَا بنقيض سببها، فتقول: زيد فقير، فكيف يتصرف، وزيد عاجز فكيف يجاهد، ولا تقول: زيد فقير فكيف يستغني، ولا زيد عاجز فكيف يقدر وزاد هذا في الآية إن كان يقال: فأنى تبصرون، وما هو إلا كالتكرار؟ والجواب: أن الطمس على الأعين سبب في عدم الإبصار، وعدم الإبصار سبب في عدم الاهتداء، فقوله تعالى:(فَأَنَّى يُبْصِرُونَ)، سبب عن ما ترتب هو عليه، وهو الطمس، وهو منطو على سبب في ضمنه، وهو الاهتداء؛ لكن [يبقى*] السؤال لم عدل عن ترتيب المسبب الثاني، وهو الاهتداء على الطمس إلى المسبب الأول؟ فيجاب عنه: بأنه لو قيل: فأنى يهتدون؛ لتوهم أن لهم أبصارا ضعفا لم توصلهم إلى الاهتداء؛ فأفاد هذا