نسب الرؤية للبرق والإنشاء للسحاب؛ لأن الإنشاء المرتبة أسهلها على البصر [ ... ] البياض الساطع فنحن نعجز عن مداومة النظر للشمس والنعمة في البرق في أقدارنا على النظر إليه وانظر قوله: (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ) وأما السحاب فجرم ثقيل جدا والنعمة التي فيه هي إبرازه من العدم إلى الوجود.
قوله تعالى:(خَوْفًا وَطَمَعًا).
أعربهما الزمخشري: حالا ومنع أن يكونا مفعولا من أجله إذ ليس عنده فعلين والفاعل الفعل المعلل على مذهبه في أن الله تعالى لم يخلق الشر ولا أراده ونحن نجيز ذلك ونقول أراده وخلق في قلوب بعضنا الخوف منه، وفي قلوب [الآخَرين*] الطمع فيه والفرق بين إرادة الخوف وبين خلق الخوف إنك تريده من زيد أن يخاف منك ولا تقدر على إيقاع ذلك به، الزمخشري يخاف المطر [من له فيه ضرر*]، كالمسافر، ومن في [جرينه التمر*][والزبيب*] ومن له بيت يقطر عليه ومن [البلاد*] من يتضرر أهلها بالمطر كأهل مصر فإِنه يفسد عليهم أبنيتهم، ونزول المطر فيها قليل جدا، ابن عرفة رأيت في خزانة التواريخ لابن سليم لما ذكر دخول مصر وما جرى له مع أهلها قال طلبت من بعضهم أن يهجوها فامتنع فلما أكثرت عليه قال:
كم ذا تقيم بمصر ... معذباً بذويها
وكيف ترجو نداهم ... والسحب تبخل فيها
قوله تعالى:(وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) حكى ابن رشد في بيانه في كتاب السواد والأنهار: خلافا فقيل: إن الماء كلها من السماء، وقيل: من البحار وإنه يتصعد منها بخار تكسبه [ ... ] وتذوبه فيكون في السحاب ثم ينزل مطرا، وقيل: بالوقف وهو اختياره، وذكر بعضهم أنه إذا نحن ما البحر وجعلت على القدر ثباته فإنه يعذب، وقيل: بل تكثر حدته [ ... ] المضطر إليه.