وقال ابن عرفة: إنما [ألفينا*] مفهوم قوله تعالى: (فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ)؛ [أن*] نفي الاستكانة والتضرع يقتضي اتصافهم بالتكبر والتعنت، وعدم [ ... ].، فإذا أنزل بهم العذاب الشديد لنفي عنهم ذلك التكبر والتجبر، واتصفوا بالذلة حيث لَا ينفعهم ذلك.
ابن عرفة: الإنشاء أخص من الإيجاد أن يكون تقدير بإيجاد بعض الأجزاء [وكلها*] هو، فإن قلت: لم أفرد السمع؟ قلت: أجاب الزمخشري: بأنه إما مصدر أو اسم [مختص*].
ابن عرفة: وعادتهم يجيبون: بأنه أفرده؛ لأنه مفرد، ومتعلقاته متعددة، والبصر متعدد بتعدد متعلقاته، فكل جهة لها إبصار خاص بها بخلاف السمع، فإنه سمع واحد يسمع به من كل جهة، وليس المراد الخارجة وهي الأذن، فالمراد بالسمع السماع لا الحاسة، بدليل قوله في المدونة فيمن ضرب رجلا بآلة حادة فأذهب سمعه، أن عليه الدية، مع أن أذنه لم تزل أذنه باقية؟ والعطف هنا ترق؛ لأن عدم الرؤية أشد من الصمم، قيل له: قد كان يعقوب وشعيب عليهما السلام: لَا يبصران، ولم يكن أحد من الأنبياء عليهم السلام أصم بوجه، فقال: العمى طارئ عليهما وليس ابتدائيا بوجه، والمراد بالأفئدة هنا العقل؛ لأن الآية خرجت مخرج الامتنان بهذه النعم، ولا يكون الامتنان إلا بالعقل، لَا بمجرد الفؤاد.
قوله تعالى:(قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ).
قال ابن عرفة: كانت الطلبة يقولون: يحتمل أن يزيد القدر المتحرى من الشكر هو قليل، ويحتمل أن يرد الشكر الأعم، فعلى الأول: من صدق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يفعل الطاعات هو شاكر قليلا، وعلى الثاني: من وحد الله ولم يصدق بالنبي صلى الله عليه وسلم، هو شاكر مطلق شكر.