عليه في التوحيد أزيد من الإيمان من لم يعرفه بالأدلة، وفي قول ابن أبي يزيد في الرسالة، يزيد بزيادة الأعمال، وينقص بنقصها مسامحة توهم مذهب المعتزلة، لكن قوله فيكون فيها النقص وبها الزيادة يهدي إلى تأويله.
قال ابن عرفة: نص ابن مالك على أن الجملة إن كانت صحيحة الترادف لما قبلها أو صحيحة التباين له أتى بها موصولة غير مفصولة بحرف العطف، وإن كانت في [مقام التوسط*] فلا بد من حرف العطف ليزيل الإشكال، قال: وظاهر كلام سيبويه، وأكثر النحويين أن الأصل تقديم المبتدأ سواء كان نكرة لها مسوغ أو معرفة، وظاهر كلام الزمخشري: أن الأصل [تأخيره*] إذا كان نكرة؛ لأنه أورد سؤالا [في سورة الأنعام في قوله تعالى:(وَأَجَلٌ مُسَمى عِندَهُ)، قال:[فما أوجب التقديم*؟][فإن قلت: المبتدأ النكرة إذا كان خبره ظرفا وجب تأخيره فلم جاز تقديمه في قوله وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ؟ قلت: لأنه تخصص بالصفة فقارب المعرفة، كقوله وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ. فإن قلت: الكلام السائر أن يقال: عندي ثوب جيد، ولي عبد كيس، وما أشبه ذلك، فما أوجب التقديم؟ فأجاب: بأن في تقديمه تعظيما لشأن الساعة.*]
إما أن يراد صدقوا فيما عاهدوا الله عليه، فيكون حقيقة بمعنى الوفاء بالعهد، وإن كان المعاهد عليه مصدوقا، فهي مجاز كقولهم: صدقني من بكره في رجل اشترى من رجل حمارا، فقال: إنه بكر، فلما رأى الإبل صوت بتصويت البكر، فقال مشتريه صدقني من بكره، قال الطيبي: يروى برفع النون [مجازا*]؛ لأنه جعل السن صادقا.
قوله تعالى:(فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ).
فسر بوجهين: إما وفاء بعهده، وإما مات، فعلى الثاني لَا سؤال، وعلى الأول يشكل مع قوله تعالى:(صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ)؛ لأن صدقهم دليل على [توفية جميعهم بعهده، فكيف تقسمهم إلى من وفَّى*] بعهده ومن ينتظر، فالمنتظر لم يصدق.
ابن عرفة: إلا أن يقال: إنه وفَّى بعض، وعزم [الوفاء الباقي*] فهو صادق بهذا الاعتبار.
قالوا: اللام للصيرورة باعتبار أن فاعل الفعل المعلل غير فاعل للعلة المستفادة، أو باعتبار الفعل المعطوف عليها وهو ويعذب المنافقين، قال: وكان بعضهم لما ذكر سبب جزاء الصادقين، ولم يذكر جزاء المنافقين، فلم يقل: ويعذب المنافقين بنفاقهم، فقال: كان يجيب بالتهيج على فعل المأمور به، واكتفى في النهي عنه بمطلق النهي، وظاهر كلام ابن عرفة أنه جعله من حذف التقابل.