للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن قلت: لم قال (مِنْ فَوقِهِمْ) وهل هو إلا فوقهم؟ فالجواب بوجهين الأول: قال ابن عطية: يحتمل أن يكون خرورة يمينا وشمالا فقال (مِنْ فَوقِهِم) ليزيل ذلك الاحتمال، الثاني: قال بعضهم لو لم يقل (مِن فَوْقِهِم) لاحتمل أن يكونوا لما رأوا علامات السقوط خرجوا فحينئذ خر السقف، فقال (مِنْ فَوْقِهِم) ليفيد أنهم تربصوا حتى هلكوا.

قوله تعالى: {ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ ... (٢٧)}

قال ابن عطية: هذا يدل على دخولهم النار وهو نظير قوله تعالى: (رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) ورده ابن عرفة: لأن الإيمان إنما دلت على أن دخول النار ملزوم للخزي لأن الخزي ملزوم لدخول النار وما تم له هذا إلا لو كانت هذه القضية تنعكس كنفسها كلية وهم في اصطلاح المنطقيين إنما تنعكس جزئية فيقال: كل كافر فاجر أيدخل النار فينتج كل كافر مدخل وإنما عكسها عندهم بعض المخزى كافر.

قوله تعالى: (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ).

راجع للأمر الباطن النازل بهم والسوء راجع للأمر الظاهر الحال بهم في أبدانهم، فإن قلت: كيف أكده بأن وخطابهم إنما هو لله تعالى بأن ذلك حق، وأجيب: بأن هذه المقالة صدرت منهم قبل حلول العذاب بأولئك فهم في مظنة الإنكار لها.

قوله تعالى: {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ... (٢٨)}

يريد أنهم استسلموا لقضاء الله والمغلوب إذا استسلم تارة يعترف وهو كقوله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) وتارة ينكر موجبات العقوبة كهذه الآية طمعا في أن يقبل ذلك منه [ ... ].

قوله تعالى: {فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ ... (٢٩)}

فيها حال مقدرة.

قوله تعالى: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ... (٣٠)}

قال الزمخشري: للذين أحسنوا يدل من خير مكانة لقول الذين اتقوا.

ابن عرفة: أراد أن خيرا من كلام الحاكمين فهو والذين أحسنوا معمولان لـ قالوا، الزمخشري: ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ عند القائلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>