لما ذكر ابن عصفور ما يلزم فيه حذف المبتدأ وما يلزم فيه حذف الخبر، قال: وقسم يجوز فيه الأمران، وهو ما عدا ذلك، ومثله هذه الآية.
وقال ابن هشام في شرح "الإيضاح"، وابن مالك: لَا خلاف أن المصدر المنصوب على إضمار الفعل المتروك إظهاره، إذا ارتفع على الابتداء، يجب حذف خبره، وإذا ارتفع على الخبر يجب حذف مبتدئه كقوله:
شكى إلي جملي طول السُّرى ... صبرا جميلا فكلنا مبتلى
على رواية من رواه صبر جميل بالرفع، وهذا خلاف ورجح بعضهم الأول؛ لأنه على الثاني يكون مجرد دعوى، وكان الشيخ ابنِ عبد السلام يرجح الأول أيضا؛ لأن الثاني يخالف قوله بعد هذا (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُف)، فليس صبره صبرا جميلا.
(وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ).
على سبب وصفكم وهو الصبر.
(بِضَاعَةً ... (١٩)
الزمخشري: نصب على الحالة، أي أخفوه متاعا للتجارة.
الطيبي: كذا عن أبي البقاء، قال صاحب "الفرائد": ويمكن أن يضمن (وَأَسَرُّوهُ) معنى جعلوه، أي جعلوه ميسرين، فهو مفعول ثان.
قال ابن الحاجب: يحتمل أن يكون مفعولا من أجله، أي كتموه لأجل تحصيل المال فيه، لأنه كان على حال تقتضي التجارة، وكتمانه خوفا من أن تمتد الأطماع من غيرهم، ولا يجوز أن يكون تمييز الماوردي إليه من أن الإسرار كان للبضاعة لَا له، وهو خلاف المعنى، وليس هو من باب عشرين درهما، ولا من باب حسن زيد وجها الراغب البضاعة قطعة وافرة من المال، يعني للتجارة، يقال: بضع بضاعة وابتضعها، والبضع بالكسر المقتطع من العشرة.
(وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)
الطيبي: قال صاحب "الفرائد": يمكن أن نقول تقديره، وكانوا من الزاهدين فيه، (مِنَ الزَّاهِدِينَ)، من قبيل الإضمار على شريطة التفسير، وقلت: الظاهر أنه ليس منه؛ لأنه ليس بمشتغل عنه بل لضمير، وإن الأصل كانوا من الزاهدين فيه على أن فيه ليس صلته؛ بل متعلق بجملة محذوفة على السؤال، كقوله تعالى (هَيْتَ