فرده ابن عرفة بأن القلب مجاز، والتأكيد يرفع المجاز، ولذلك احتجوا به في قوله تعالى:(وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) على صحة وقوع الكلام من الله حقيقة، وإلا كان يقول: أنه من باب القلب (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا).
وقال في سورة آل عمران (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ)، وقال:(وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) فعبر في هؤلاء بهمزة المتكلم وحده، وهما بنون من غيره لوضوح مدلول هذه وخفاء مدلول تلك الآيات، وتوقف صحتها على المعجزة، والمعنى ضل في الآخرة سعيهم في الدنيا؛ لأن كل ما عملوه يذهب عنهم ولا يجدونه فأشبه الضالة الذاهب، قال: وأسند الضلال للسعي والإحسان للصنع؛ لأن السعي أعم من الصنع، فناسب إسناده إلى الضلال؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، والضلال نفي والإحسان إثبات، فصار كقوله تعالى:(فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ).
قال ابن عرفة: يؤخذ منها أن جحد المعاد محبط للعمل، وأنه كفر، قيل له: إنما أحبط أعمالهم اتصافهم بالكفر وجحد المعاد معا، فقال: بل كل واحد من الأمرين كاف في ذلك بدليل أن مجرد الكفر كاف في إحباط العمل، وكذلك جحد المعاد.