إما عطف تفسيري مثل:(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ)، أو المراد به ما زاد على التوبة، وهو إن يستديم على ذلك ويتزايد حاله في الصلاح شيئا فشيئا، ليكون ذلك دليلا على صدق توبته.
إن قلت: لم أخر الرحمة وهي سبب في التوبة، قلنا: لأن المقصود عموم رحمته بالتوبة وغيرها فمن لم يتب من الفاحشة وهو مؤمن فإنه عندنا في المشيئة ولا بد له من الجنة.
ابن عرفة: منهم من شرط في الندم العزم أن لَا يعود إلى الذنب، ومنهم من لا يشترط ذلك، وقوله تعالى:(عَلَى اللَّهِ) بمعنى إن إمكان القلوب غير القبول فنحن نقطع بإمكان قبول توبة التائب شرعا ويبقى قبولها بالفعل مستفاد من قوله تعالى: (فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهِم) فيكون تأسيسا ونظيره أن يقول: من دخل داري اليوم فأعطيه درهما، وزيد عظيم فأعطه درهما.
قوله تعالى:(بِجَهَالَةٍ).
قال ابن عطية: ليس المراد به جهلهم بأن ذلك معصية؛ لأن المتعمد أيضا يصح توبته إجماعا، ابن عرفة.
وقال الفخر: المعصية لَا يصح صدورها من العالم؛ لأن الداعي لقضايا اقتضى ترجيحا، فإن كان المكلف حينئذ عالما بأنها معصية وإن تركها أرجح من فعلها ثم تعمد لقضايا فهو جهل التقدمية المرجوح على الراجح، فلا بد أن يكون ذلك بدل اقتضى عنده ترجيح المرجوح، وترجيح المرجوح جهل، ابن عرفة: وفيه بحث بأنه يلزم عليه اجتماع النقيضين؛ لأن علمه اقتضى أن الترك راجح، والداعي اقتضى أن الفعل راجح فيجتمع النقيضان، قال: وهذا كلام موجب إشكالا في فهم كلام أهل السنة في قولهم: إن الأمر غير ملزوم للإرادة وإن الأمر قد يأمر بما لا يريد خلافا للمعتزلة، فإن قلت: لم أفرد السوء وجمع السيئات، قلت: لقوله تعالى: (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) فهم ينفون أن يذنبوا ذنبا واحدا يتوبوا منه بخلاف الآخرين، فإنهم يتربصون حتى يكفر ذنوبهم ويتكرر ويعاينون مقامات الموت وحينئذ يتوبوا معه.