ابن عطية: قال جمهور الأمة: الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم [وهو يتناول الأمراء بعده إلى يوم القيامة*]، وقال أبو يوسف، وإسماعيل بن عطية: الآية خاصة بالنبي صلى اله عليه وعلى آله وسلم بأن الاهتمام به لَا يعارضه شيء، ابن عرفة: فالمعنى عند أبي يوسف: وإذا كنت فيهم بذاتك وخصوصيتك، وعند الجمهور وإذا كتبت فيهم بشريعتك وسنتك، فقضاياه أنه ينتج مع صلاة الخوف في سفر المعصية، وظاهر حديث جابر العموم لقوله كما يفعل عسكر هؤلاء بأمرائهم فيفهم إن القضايا المعينة تعم، مع إنه لَا يعم هذا كله إلا على القول بأن الضمير جزؤه، وإما على القول بأنها كلية فمذهب الجمهور واضح ورده في الباب حديث عن سهل بن خيثمة اتفق عليه البخاري ومسلم، وحديث يزيد بن رومان انفرد به البخاري، وحديث جابر بن عبد اله انفرد به مسلم، والظاهر حديث سهل لاتفاق الصحابيين عليه، على ما قال ابن الصلاح من أن الأصح اتفق عليه الصحيحان مع أن ظاهر الآية لَا ينافيه.
قال ابن عرفة: وتقدمنا في الآية ثلاثة أسئلة:
الأول: لم قال: (كُنْتَ فِيهِم) مع أنه لو أسقط لاستقام المعنى، فكان يقول: وإذا أقمت الصلاة؟، قال: وعادتهم يجيبون بأن كان يقتضي الدوام ولاسيما أنها بلفظ المضارع والعموم في الأزمنة، يناسب العموم في الأشخاص فعموم اللفظ في الأزمنة قرينة في العموم بالأشخاص، فأفاد قوله هذه الرخصة التي في صلاة الخوف بجميع الأمة العموم.
السؤال الثاني: لم قال (فِيهِم)، ولم يقل: معهم؟، وأجيب: بأن مع تقتضي تبعية الأول لما بعدها، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم متبوع لَا تابع، قال الله تعالى:(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ).
السؤال الثالث: ما فائدة الإتيان بلفظ (لَهُمُ)، ولو قيل: فأقمت الصلاة لاستقام المعنى؟ فالجواب: أنه إشارة إلى ما قال الفقهاء: من أن الأمام يلزمه نية الإمامة في أربعة مواضع الجمع، والجمعة، والخوف، والاستخلاف في لفظ لهم إشعار بأنه سواء إقامتها لهم.