أخذوا منها وجوب الصلاة على المؤمنين من ناحية مفهوم الصفة، في قوله (مِنْهُم)؛ ولأن الأمر بالشيء نهي عن ضده، والعكس، قيل لابن عرفة: والآية حجة للقول الذي حكى ابن الحاجب في مختصره: الأصل من أنه صلى الله عليه وسلم يجوز عليه الخطأ في اجتهاده، ولكن لَا يقر عليه، فقال ابن عرفة: ليس كذلك؛ لأنه إن لم يكن صلى عليهم فلا كلام، وإن كان صلى عليهم فنقول: هذا تجديد حكم في المنافقين وللمنافق أحكام كانت تجدد شيئا بعد شيء.
قوله تعالى:(وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ).
أخذوا منه جواز زيارة القبور كما أخذوا من الأول وجوب الصلاة على المؤمنين، وأجيب بأن المقام على القبر يصدق بالحضور وقت الدفن.
قال أبو جعفر ابن الزبير: وإنما قال هنا: (وَلَا تُعجِبكَ)، وقال في التي قبلها:(فَلا تُعْجِبكَ)؛ لأن الآية المتقدمة عليها (وَمَا مَنَعَهُم أَن تُقْبَلَ مِنْهُم نَفَقَاتُهُم) وهي كلها جملة خبرية منفية، فكان هذا النهي سببا عنها فناسب عطفها بالفاء؛ [لأن*] فيه معنى الشرط والجزاء؛ أي إذا كانت هذه حالهم فلا [تغتر*] بما لديهم من المال والولد، وهذه الآية تقدمها جمل طلبية لَا قبلها (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا) فناسب عطف النهي على النهي بالواو المقتضية للجمع من غير ترتيب، ولذلك زيدت بها في الآية المتقدمة لما كان فيها معنى الشرط والجزاء المقتضي للتأكيد والإطناب، ولذلك قال فيها (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذبَهُم) باللام التي هي أصرح في تعجيل، وإذا أظهرت فيها معنى [التراخي*] حسبما نص على ذلك سيبويه في الجواب بالفاء من كتابه، ولذلك قال هناك (فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا) فأكد بزيادة لفظ الحياة لتجري الآية على وتيرة واحدة.