قال ابن عطية: الخطاب للمؤمنين (يَشرُونَ) هنا بمعنى يبيعون، وقال الزمخشري: بمعنى يشترون ويبيعون والخطاب للمؤمنين والمنافقين، فالمؤمنون باعوا، والمنافقون اشتروا، ابن عرفة: يلزمه استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه معا، والصواب عندي أنا غير هذا، وهو أنهم أعربوا الذين يشترون فاعلا، وأنا أعربه مفعولا ويجعل هذا الكلام مرتبطا بما قبله ومن تمام قوله تعالى:(وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ) أي هذا المنافق الذي يفعل هذا الفعل فليقاتل في سبيل الكفار الذين يشترون الحياة الدنيا بالآخرة.
قوله تعالى:(فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
قيل لابن عرفة: في لفظ التنفيس دليل فيمن يقول إن الشهيد لَا يدخل الجنة بنفس يوم موته بل حتى يوم القيامة، فقال ابن عرفة: التنفيس إنما هو في الأجر العظيم لَا في مطلق الأجر أي سنؤتيه يوم القيامة أجرا عظيما، قال الفخر: ومنها حجة المعتزلة القائلين: بأن العبد يخلق أفعاله، فقال ابن عرفة: هي حجة على الجبرية القائلين: بأن لا قدرة للعبد، ودليل لأهل السنة القائلين بالكسب، وذكر الطرفين القتل والغلب؛ لأن من قاتل ليقتل قتل، ومن قاتل ليأخذ المال أو ليغلب لم يقتل ولم يغلب.
قوله تعالى: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ ... (٧٥)}
إما معطوف على اسم الجلالة، أو على سبيل الله والتقدير في سبيل الله وفي خلاص المستضعفين وفي أما للسبب، أو للنظر فيه مجازا.
ابن عرفة: هؤلاء المسلمون المدخلون لَا يحل لهم البقاء بأرض الكفار وهم داخلون في الآية لكن أمراء السوء أخرجوهم إلى البقاء تحت حكم الكافرين لما يخافون من ظلمهم فرأوا أن إقامتهم بأرض الكفر أحسن ليسلموا من الظلم.
ابن عرفة: هذا خبر في معنى الأمر وإن كان حقيقة لزم عليه أحد الأمرين إما الخلف في الخبر؛ لأن بعض المؤمنين يقاتل ليأخذ الغنيمة ويقاتل للحمية، وإظهار القوة والشجاعة والانتقام من عدوه، وإما مذهب المعتزلة وهو أن من قاتل ولم يخلص النية في قتاله لله يكون غير مؤمن، فالصواب أنه خير في معنى الأمر وهذه الآية احتراز؛