ابن عرفة: أضاف الرسل إليهم ولم يقل رسلنا على إن الرسل منهم بحيث يعلمون حالهم وأنهم لم يعبدوا منهم كذبا ولا علم أنهم خالطوا نحوه فدل ذلك على أن حاجاتهم به حق.
قال الفخر: في [المحصول*] مذهب أهل السنة لأن الرسل ليس في خلقهم وبينهم زيادة علينا ولا خاصية ذاتية خلقوا بها عنا وما وجد منهم من القوة على الوحي أو غير ذلك فأمور عرضية كالشجاعة للبطل ومذهب الفلاسفة أن بنيتهم مخالفة لنا ولا بد لهم من خاصية ذاتية اختصوا بها هنا.
قوله تعالى:(أَفِي اللَّهِ شَكٌّ).
أي في ألوهية الله شك، وقال الفارسي: أفي وحدانية الله شك، ابن عطية: هذا علة مذهب المعتزلة في إنكار الصفات لأن إنكار الألوهية يستلزم إنكار الصفة فرد عليه بأنه لم يخالف أحد من المسلمين في أن إثبات الآلوهية لله تعالى بخلاف العلم ونحن فإنهم يقولون عالم لَا يعلم، قالوا: وإنما قدره الفارسي هكذا لأن أول ما يجعل الرسل علمهم على اعتقاد وحدانية الله بخلاف الألوهية إذ لم يخالف فيها أحد، قلت: قد خالف فيها المجوس الذين عبدوا الشمس: (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) انتهى، قال ابن عرفة: وكان بعضهم يقول في هذه الآية انظر كلامهم جعلوا أنفسهم مظروفين في الشك والشك ظرفا لهم وكلام الرسل جعلوا الشك مظروفا في أمر الله أو في شأن الله، وجعلوا شأن الله ظرفا له قالوا وهذا [لوجهين*] عقلي ونقلي، أما النقلي فلأن الظرف أوسع من المظروف قال محيط بالكفار في جميع الجهات وهم مفتقرون إِليه إذا المتحيز مفتقرا إلى الخير والحال مفتقر إلى المحل لابد له منه وقول الرسل (أفِي اللَّهِ شَكٌّ) جعلوا الشك متحيرا حالا في أمر الله وأمر الله أعلى منه وأكبر وهو خير له فهو إشارة إلى تعليل الشك، أي لَا يتصور أن يقع في شك في الله بوجه، وإن قل فإِذا أنكروا أن يكون أمر الله خيرا للشك مع قلته فأحرى أن ينكروا كون الشك خيرا له مع كثرته.
قوله تعالى:(فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ).
إن استدلال أهل أصول الدين على وجود الإله بوجهين، أحدهما: إمكان العالم وأنه جائز الوقوع وكل جائز لابد له من مرجّح يقتضي وقوعه على أحد الجائزين، الثاني: حدوث العالم إذ لابد له من موجدا وجده، قيل له: فالحكماء القائلون بقدم العالم هل على مذهبهم يتم الدليل على وجود الإله بأن العالم ممكن، فقال: نعم