ابن عرفة: عدا الأول بإلى، والثاني باللام؛ لأن إلى للغاية تقتضي أنها ما قبلها عندها ومخالفته لما بعد، واللام للملك فالله تعالى يملك الحق ويمنحه ويعطفه ويخلقه في قلوبهم، فهدى له كله، والشركاء لَا يملكون شيئا، فعلى تقدير أن تكون لهم الهداية إنما يعدون الطريقة ولمبادئه ومقدماته فقط، قيل لابن عرفة: يبطل هذا بقوله (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) فقال: هذا تنبيه بالأدنى على الأعلى؛ لأن الشركاء لَا يهدون لحق بوجه، فمعناه إذا كان الذي يهدي لمقدمات الحق وأوائله أحق بالاتباع ممن لَا يستطيع شيئا بوجه، فأحرى أن لَا يكون الذي منح الحق كله، ويعطفه ويخلقه في قلوبكم أحق بالاتباع.
قوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ... (٣٦)}
مصدر مولد للفعل المنفي فهو نفي أخص ولا نفي أخص.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ).
ولم يقل: بما يعملون؛ والعمل أبلغ ألا ترى أنهم قالوا في حديث الأعمال بالنيات يستثنى منه النية، وهي القصد إلى النظر، والنظر قبلوا النية عملا.
وأجيب بأنه إشارة إلى تعنتهم وأن حقهم إظهار الحق وفعله.
قوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ ... (٣٨)}
ابن عطية: هي دليل لمن يقول بالصرفة.
ابن عرفة: ومعنى الصرفة أن تقول دليل كرامتي أني أقوم من هناك إلى هنا وتعجزون أنتم عن ذلك، فحاصله أن تعجزهم عن شيء هو من مقدورهم.
وعين الصرفة مثل أن يقول: دليل كرامتي استطاعتي؛ أثبتها المعتزلة، ونفاها أهل السنة.
قوله تعالى: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ... (٣٩)}
الزمخشري: أي بل سارعوا إلى التكذيب بالقرآن وفاجئوه في بديهة السماع قبل أن يفقهوه.
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ).
معناه أنه غير قابل لأن يكون مفترى، وأن يفترى مقدر بالمصدر؛ أي كان ذا افتراء، وما كان افتراء بمعنى مفترى، مثل: قتلته صبرا أي مصبورا، مثل: قال ابن عرفة: وتقدمنا فيها سؤال وهو أن ظاهر الآية أنه لم يكن مفترى على غير الله تعالى،