قلت لابن عرفة: قوله بعد ثبوتها مع أن قوله فتزل قدم يعني عنه، فأجاب بوجهين الأول: إنه مبالغة في التنفير عن ذلك، الثاني: إن الواقف [المعتمد*] على أحد قدميه لا يقع إلا إذا زالت قدمه التي اعتمد عليها، وأما إذا زالت الأخرى فلا يقع فهو إشارة إلى أنهم زالوا عما كانوا ثابتين عليه معتمدين.
قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ... (٩٥)}
ابن عرفة: الثمن في الاصطلاح مشترى به لَا مشترى فكذلك جعل الزمخشري (تشتروا) بمعنى تستبدلوا [بِعَهْدِ اللَّهِ*].
قال الزمخشري: [هو إتيان*] البيعة، لأن قوما من أسلم بمكة أحبوا أن ينقضوا ما بايعوا عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فثبتهم [الله*]، وقال ابن عطية: المراد به ما عهد الله بعباده من النهي عن الرشاء وأخذ الأموال على فعل ما يجب على الأخذ، ورده ابن عرفة: لكن هذا أعم يتناول ما قال الزمخشري وغيره: فالحاصل أن المراد بها النهي عن فعل ما يجب تركه أو النهي عن ترك ما يجب فعله.
قوله تعالى: (ثَمَنًا قَلِيلًا).
يريد باعتبار كميته وحاله فقد يكون كثيرا في كميته وحقيرا في [حاله*]، وهو جميع عرض الدنيا.
ابن عرفة: وهذا النعت تقليل إن كان للبيان ولإزالة الاشتراك فيلزم المفهوم وهو أنه قد يكون ما يشترونه بعهد الله ثمنا كثيرا فلم ينهوا عنه وإن لم يكن كذلك لمجرد التأكيد قال: وأجيب بأنه للبيان ومنع من المفهوم.
قوله تعالى: (إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيرٌ لَكُم).
من كل ما سواه وخير هنا فعل أو أفعل وعلى كل تقدير فلا يلزم منه مفهوم. قوله تعالى: [(مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ*] ... (٩٦) .. عبر عنه بالفعل لأن انتفاءه وهو التغير والزوال والبقاء صفة ثبوتيه دائمة زمنين فصاعدا فناسب التغيير منها بالاسم.
قوله تعالى: (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ).
قلت لابن عرفة: لما عبر عنهم بالفعل وهم ثابتون على حالتهم فقال: تثبيتها على سعة رحمة الله تعالى، وإن من اتصف بمجرد الصبر زمنا ما فله أجره.
قوله تعالى: (بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).