وأجاب ابن عرفة: بأنه إذا كان في المجلس أشراف واتباع فأمر الأشراف يأمر كأنه يتأول الاتباع من باب أحرى بدلالة الالتزام لَا المطابقة، وكذلك هذا لما أمر الملائكة السجود لآدم على شرفهم فيتناول الأمر إبليس وإن كان إبليس ليس منهم من باب أحرى.
هذا سؤال توبيخ لَا يستحق جوابا فظن إبليس أنه سؤال حقيقي. فأجاب عنه بمقدمتين حذف أحدهما لدلالة الكلام عليها والتقدير أنا خير، والفاضل لَا يسجد للمفضول فأنا لَا أسجد إما أنا خير منه فبينه بكونه خلق من نار وآدم من طين، وإما أن الفاضل لَا يسجد للمفضول، قيل: وجوابه أن هذا على قاعدة التحسين والتقبيح باطل وإنما يتم على مذهب المعتزلة، لكن جاء بموضع المقدمة الصغرى وموضع كونه خير من آدم، وإلا كان يقول الملائكة: نحن خير منه؛ لأنا خلقنا من نور.
ابن عرفة: أفاد الجنة فيكون باعتبار الوجود لَا باعتبار الحكم؛ لأنه قد وسوس فيها آدم، وإن أريد السماء فيكون باعتبار أي، فما يجوز لك أن تتكبر فيها. لأنه قد امتنع من السجود لآدم.
قوله تعالى:(فَاخْرُجْ).
إما تكرار للتأكيد، وإما تأسيس والأول هبوط حسي، وهذا خروج من حكم الاعتناء والمراعاة إلى حكم الصغار والإذلال والاحتقار.
قال ابن عرفة: إنما لم يقل: ومن فوقهم ومن تحتهم. لأن جهة الفوق منها الرحمة، وجهة التحتية داخلة في الإتيان من باب أحرى؛ لأنها محل إبليس.
قال ابن العربي في سراج المريدين في الاسم الثامن والعشرين: حضرت يوما مجلس الإمام أبي منصور الشيرازي وعادته أن يرقى المنبر ويجيب عن كل سؤال، أو يصعد المنبر ويأخذ القارئ بالقراءة وترمى الرقاع بالأسئلة من كل جانب وتتناولها الأيدي حتى تصل إليه فيجعلها تحت ركبتيه؛ فإذا سمع القارئ أخذها واحدة واحدة،