للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الآية لأن استعجالهم بها وطلبهم تقدمها يقتضي إيمانهم بها فهو مناقض للإخبار عنهم بأنهم كذبوا بها.

قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ... (٢١)}

وقال ابن عرفة: لما تضمن الكلام السابق ذمهم بكفرهم بالله عقبه ببيان أنهم ليس لهم في ذلك شبه.

فإِن قلت: المطابقة تقتضي أن يقال لهم: شرعوا من الدين ما لم يشرعه الله، كما قيل: [وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا*]، وأجيب: بأن الإذن أعم من الشرع، ونفي الأعم أخص من نفي الأخص؛ لأن الشرع يقتضي ثبوت ذلك وجعله شريعة مستمرة، والإذن يقتضي الأمر به.

قوله تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ).

ابن عرفة: عادتهم يقولون الفرق بين هذا وبين قوله: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) قال وأجيب: بالفرق بين اعتبار المستقبل من حيث نسبته للفاعل وبين اعتباره من حيث نسبته للمفعول، فقوله تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) أتى فيها الخبر منصوبا للفاعل، وقوله تعالى: (وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) الخبر فيه منصوب للمفعول، أي (وَلَوْلا كَلِمَةُ) الموجبة للفصل بين النَّاس، فالفصل بين النَّاس منعزل للكلمة.

قوله تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا ... (٢٢)}

ابن عرفة: عادتهم يقولون: ترتيب الوصف المناسب [يشعر*] بكونه علة له، فهلا أتى معبرا عنه بلفظه، فيقال: (مُشْفِقِينَ) من ظلمهم.

قال: وأجيب: بأن الكسب أعم من العلم فهم لأجل ظلمهم يخافون من كل ذنب [عملوه*] وإن قل.

وأورد الفخر: أن الإشفاق هو الخوف ومتعلقه مستقبل، فكيف قال وهو واقع بهم؟ وأجيب: بأنها حال مقدرة، ويحتمل أن تكون محصلة، قيل له: الضمير يعود على قوله تعالى: (مِمَّا كَسَبُوا) أي وما كسبوا واقع بهم فيرد الإشكال، فقال: [واقِعٌ بِهِمْ يُرِيدُ أَنَّ وَبَالَهُ وَاقِعٌ بِهِمْ سَوَاءٌ أَشْفَقُوا أَوْ لَمْ يُشْفِقُوا*] وهم خائفون من تزايده وتراكمه عليهم شيئا بعد شيء [فيكون*] من باب عندي درهم ونصف، قالوا: [واقِعٌ بِهِمْ*] عذاب مثله وهم مشفقون من تزايده.

قوله تعالى: (فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ).

<<  <  ج: ص:  >  >>