إما أن يكون المراد إيجاب ذلك شرعا بإيجاب إياه على نفسه لَا عقلاً كما فسره به الزمخشري على مذهبه، أو إشارة إلى كمال القدرة.
قوله تعالى: {أَغْنَى وَأَقْنَى (٤٨)}
قيل: الغنى وجود والفقر عدم، والعدم سابق على الوجود، فلم أخر في اللفظ؟
أجيب: بأن الغنى هي الحالة التي يدعي فيها الفعل، وأما الفقر فلم يدع أحد أنه من فعله.
قوله تعالى: {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١)}
أي فما أبقى لهم باقية، [إن*] كان من عطف المفردات فيعود إلى الكل، وإن كان من الجمل فيدخله الخلاف في القيود والصفات، إذا تعقبت جملا، هل يرجع إلى الكل، أو إلى الأخيرة، [وحكوا*] عن الحجاج أنه عبر بكونه [ثقفيا*]، وثقيف من ثمود، فاحتج بهذه الآية الدالة على أن ثمودا استؤصلوا ولم يبق منهم باقية، ووجه الدليل أنه إن كان ثمود كلهم كفارا، فكلهم مهلكون بمقتضى هذه الآية، فلا عقب لهم، وإن كان بعضهم مسلمين، وقد أهلك الكفار [وفثقيف من [ ... ] المسلمين، فلا معرة عليه في كونه ثقفيًّا، فان قلت: لم قدم [عادًا*] على ثمود على قوم نوح مع تأخرهم عليهم في الزمان؟ قلت: إنهم أقرب باعتبار بقاء آثارهم، قال تعالى (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بمَا ظَلَمُوا).
قوله تعالى: {أَظْلَمَ وَأَطْغَى (٥٢)}
قيل: المناسب في باب العقوبة تعليق الحكم بالوصف الأعم [فلم*] علقه هنا بالأخص، وهو [**مسلما أظلم] ولا يلزم من كون الاتصاف بالأخص سببا في العقوبة؛ كون الاتصاف بالأعم لذلك لعدم المساواة، وهل عطف الطغيان على الظلم من عطف الأخص على الأعم؟ أو العكس، وهل الظلم تجاوز الحد إلى الغير؟ والطغيان مطلق التجاوز، أو الظلم يصدق على تعدي الحدود [ولزوم*] الطغيان إنما يصدق فيما كثر من ذلك، وكون قوم نوح أظلم باعتبار ابتدائهم الظلم، لأنهم أول من كفر برسوله.
قوله تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣)}
الائتفاك قلب الإناء أعم من أن يكون من فوق إلى أسفل، أو مع بقائه على سطح الأرض، [فقوله*]: (أَهْوَى)، إشارة إلى أن [مدائن*] لوط من فوق إلى أسفل، وهو لازم لارتفاعها عن سطح الأرض بين القلب.