إن قلت: إذا ردوا كل رزقهم عليهم لَا يكونون فيه سواء وإنما يستوفون معهم بردهم عليهم حذف فعل رزقهم، فيجاب: إما أن يكون على حذف مضاف أو يكون الرزق مضافا إلى ضمير (مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) ويكون الذي فضلوا به مملوكهم هو ردف مملوكهم الذي يساويهم به في نفس الأمر.
إنما قال لهم لأنه إذا لم يملك الرزق لمن عبده فأحرى أن لَا يملكه لغيره وهم لم يخصوا الآلهة بالعبادة بل أشركوهم فيها مع الله لقوله (مَا نَعْبُدُهُم إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) لكن ذلك الجزاء الذي صرفوه لهم من العبادة عبدوهم فيه من دون الله.
قوله تعالى:(شَيْئًا).
قيل: إنه بدل من رزق، ورده أبو حيان: بأنه أعم من رزق وبدل الأعم من الأخص فصار بعد النفي الرزق أعم من شيء ألا ترى أن قولك ليس في الدار حيوان أخص من قولك ليس في الدار إنسان كما أن قولك في الدار إنسان أخص من قولك فيها حيوان.
فإن قلت: الآية خرجت مخرج المدح لفاعل ذلك فهلا ذكر فيها صدقة [السر*] فقط لأنها أفضل، فالجواب: أنه قصد التنبيه على كثرة اتصافه ومبادرته إلى أفعال [ ... ] كيف ما أمكنه أو بدأ بالسر؛ لأنه أفضل.