قال النحويون ضمير الفعل الفصل يؤتى به للتأكيد، وقال الطيبي في تبيان بيانه: يؤتى التخصيص المسند بالمسند إليه، أو العكس، واختلفوا في القصص، والخبر، فقيل: هما بمعنى واحد، ومنهم من جعل القصص أخص من الخبر، وفرق بينهما بوجهين:
الأول: أن القصص إنما يصدق على كلام يشتمل على جملة تابعة بجملة أخرى فما يصدق إلا على جملتين فأكثر والخبر يصدق على ذلك وعلى الجملة الواحدة.
الثاني: أن الخبر هو الإعلام بمعنى القضية فقط، والقصص هو الإعلام بمعناها مع المحافظة على حكايته بألفاظه وبعضها أو العوارض والأوصاف الواقعة في تلك القضية، قال أبو حيان: والإشارة للقرآن.
ابن عرفة: أي هذا قص عليكم قصصا حقا، ويحتمل عندي أن الإشارة إلى قضية المباهلة المتقدمة بمعنى أن الله وعد بحفظها، وعدم المخالفة فيها فأنت تقصها إلى آخر الدهر من غير منازع عنها، ولا نكير.
قوله تعالى:(وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ).
قال ابن عطية: من لتأكيد استغراق الجنس.
قيل لابن عرفة: إنما ذلك في مثل ما جاءني من أحد، فقال: اختلفوا في النكرة في سياق النفي هل يعم أم لا؟ فكلام ابن عطية بناء على أنها تعم، وقول أبو حيان: لا لاستغراق الجنس بناء على أنها لَا تعم، واحتج بهذه من قال: أن الاستثناء من النفي نفي صريح، وإنَّمَا يقول: لنفي يحتمل النفي والإثبات، فإذا اقترنت به قرينة عينية لأحد المحتملات، وهنا القرينة تعين المراد به الإثبات.
ابن عرفة: مناسبة هاتين الصفتين؛ لأنه لما تضمن الكلام السابق توحيد الله، وما اتصف به من صفات الكمال، فيقول القائل: فلم وجدنا بعض النَّاس مشركين كفارا عبدوا عيسى وعزيرا، فقال: لأنا نصفه بالعزة والعزيز ممتنع لَا يصل إلى إدراك عظمته